وسبب ذلك ضعف القوة الماسكة في المعدة فلا تطيق حمل الغذاء إلا إلى زمان ما قد ينهضم فيه وقد لا ينهضم ثم لا تقدر على تدريج إرساله وإخراجه .
وذلك لضعف يكون لسوء مزاج بارد في الأكثر ويكون للحار والرطب واليابس .
وأخطأ من ظن أن كل ذلك للبلغم لا غير وللمزاج البارد الرطب وإن كان هذا هو الغالب .
وهذا هو المؤدي بطوله إلى الاستسقاء وهو في
الجملة صعب العلاج إذا استحكم .
وكثيراً ما يكون السبب بقية قوة من أدوية مسهلة لزمت سطح الأمعاء والمعدة وفوهات عروق المعدة والأمعاء وهذه ربما حفظت أدواراً .
وكثيراً ما يؤدي إلى سحج رديء وقروح وقد يكون هذا المعدي بسبب ضعف الهضم فيفسد ويستدعي الدفع وقد يكون لزلق في المعدة من رطوبات فلا يمكنه من الثبات قدر الهضم فيفسد ويستدي الدفع وقد يكون لزلق في المعدة من رطوبات فلا يمكنه من الثبات قدر الهضم .
وليس هذا في الحقيقة خارجاً مما ذكرناه إلا أنا خصصناه بالإيراد في التفصيل للتنبيه .
وهذا أكثر في أنه يؤدي إلى الاستسقاء .
ويحمد أبقراط فيه الجشاء الحامض لأنه يدل على تسوّر حرارة تبخر بخاراً ما .
وإن لم تكن تامة بعدما كانت ميتة ولأن الحموضة ربما قطعت ودبغت المعدة وأورثت إمساكاً ما فتجد ذلك من حيث هو سبب وقد يكون مثل هذا الزلق من قروح فيها أو فيما يجاورها من المعي فتشاركها المعدة للوجع أو لإيذاب قروح .
وذلك في المعدة قليل وقد يكون الإسهال المعدي وإزلاق المعدة لما تحويها من أخلاط رديئة تنصب إليها من البدن فيفسد الطعام .
وإن كان جيد الجوهر فيحوج إلى قذفه أو إنزاله وإن كانت الناحية العليا أقوى لم تندفع إليها ولم تخرج بالقيء بل بالإسهال .
وربما لم يكن إسهال تلك الأخلاط لسبب إفسادها الطعام وإحواج المعدة إلى قذفْه بل قد تكون فيه قوة تكرهها المعدة فتدفعه وما معه أو يكون فيه نفسه قوة مسهلة أو مزلقة أو مقطّعة ساحجة كما يفعله أكثرة انصباب السوداء إلى فمّ المعدة فيصير ذلك سبباً للإسهال المعدي .
وقد يكون ذلك بسبب رياح ونفخ تولّدت فأفسدت الهضم فعرض ما ذكرناه .
وقد يكون الزلق ليس بسب شيء غير المأكول من ضعف ماسكة أو مخالطة مفسد بل بسبب المأكول لا لكيفيته بل لكمّيته فإنه إذا كثر وقهر القوة الماسكة خرج كما دخل وقد يكون بسبب أنه فسد إما لكثرته وإما لقلته كما علمت وإما لسوء ترتيبه ثم استتبع .
وربما كان الإسهال المعدي لسبب أوجاع تكون في المعدة أو ما يجاورها فيعرض ضعف القوة الماسكة منها .
وتلك الأوجاع قد تكون عن رياح وعن أورام وعن سوء مزاج مختلف جميع ذلك منها أو ما يتأذى إليها مما يجاورها .
وأما الكائن عن الطحال فلقوة دافعته وكثرة السوداء أو لضمور صلابة وتحلّل مادتها أو لانفجار أورامه .
وأما الكائن من الأمعاء فلنذكر أولاً ما يكون من الأمعاء الخمس العليا فنقول أن الإسهال الكائن منها إما أن يكون مع سحج وإما أن لا يكون .
والسحج هو وجع الجارد من سحج الأمعاء وذلك الجارد إما من موادّ صفراوية أو دموية حادة .
أو صديدية أو مدية أوّ درردية تنبعث عن نفس الأمعاء أو عما فوقها فتصير إلى الأمعاء والكبد من هذا القبيل وقد سلف كلامنأ المستقصى فيه والكبد الورمي أسلم من الكبد الضعفي وأقبل للعلاج .
والسحج والإسهال الطحالي والمراري والمدّي والذي يكون من قروح في المعدة والمريء كله من قبيل ما يبعث المادة إلى المعي .
وليس كلامنا الآن فيه بل في الذي عن نفس الامعاء .
وذلك إما عن ورم في الأمعاء وإما للذع مرار أو دم انصب من الكبد شديد الحرارة أو انفتاق عرق في الأعالي والأسافل أو لدواء مسهل جرح الأمعاء مثل شحم الحنظل أو من قلاع قروح مع عفونة وتأكل أو قروح بلا تأكل وعفونة أو قروح نقية أو قروح وسخة .
وهي إما أن تكون في الأمعاء الغلاظ وهي أسلم أو في الأمعاء الدقاق وهي أصعب وخصوصاً الواقع في الصائم فإنه يشبه أن لا تبرأ قروحه فضلاَ عن خرقه لكثرة عروقه وعظمها ورقة جسمه وسيلان المرار الصرف إليه من المرارة من غير خلط آخر ولأنه عظيم غائلة الأذى لقربه من عضو رئيس هو الكبد فليس شيء من الأمعاء أقرب إليه من الصائم .
والدواء أيضاً لا يقف عليه بل يزلق عنه .
والقروح تكون من سحج ثفل ومن حدة مرار أو ملوحة خلط أو شدة تشبّثه للزوجته فإذا انقلع خرج أو لانفجار الأورام وسائر الاستفراغات المختلفة المؤذية بمرورها .
وما كان من السحج السوداوي واقعاَ على سبيل الابتداء فهو قتال لأنه يدل على سرطان متعفن .
وما كان في آخر الحميات فهو قتال جداً وإن لم يصر بعد سحجاَ بل كان بعد إسهالاً سإوداوياً خصوصاً الذي يغلي على الأرض وله رائحة حامضة وإن كانت القوة باقية بعد بل وإن كان في الصحة أيضاَ فإن هذا الصنف من السوداوي لا يبرأ صاحبه .
وأما إذا لم تكن له هذه الخاصية ولم يكن يغلي ولا رائحته حامضة فهو فضل سوداوي تدفعه الطبيعة وقد ترجى معه العافية .
والقرحة قد تتولد عقيب الورم وقد تكون عن شيء قاشر وجارد ابتداء مثل دواء مسهل أو غذاء لزج يلزق ثم ينفصل قاشراً جارداً أو غذاء صلب يسحج بمروره وقد يكون عن أخلاط أسهلت ثم قرحت .
وحد زمان تولدِ القرحة عن الإسهال المراري أسبوعان وعن البورقي شهر وعن السوداوي من أربعين يوماً إلى أكثر من ذلك .
وكثيراً ما تنثقب الأمعاء من صاحب القروح فيموت في الأكثر .
وربما كان بعضهم قويأ فيبقى مدة ويجتمع العفل في بطنه وكأنه مستسقي ثم يموت .
وأما في أكثر الأمر فإذا بلغ القرح أن يخرج من جوهر الأمعاء شيئاً له حجم أدى إلى العفونة وإلى إسقاط القوة بمشاركة المعدة وإلى الموت .
فكيف إذا انثقب وخصوصاً بعض الأمعاء العليا .
وقد حكى قوم أنه قد انثقب بعض الأمعاء السفلى لرجل نم انثقب المراق والبطن ورم حدث بها محاذياً للثقب ومشاركاً لتلك العفونة والآفة كأنه ثقب البطن أيضاً هناك وكان يخرج الوجع منه وعاش الرجل .
وهذا وإن كان في جملة الممكن فهو من جملة الممكن البعيد وأبعد منه أن يعيش والثفل ينصب إلى فضاء البطن .
قالوا إذا وقع انثقاب المعي والبطن بإزاء الصائم لم يسكن الجوع ولم يثبت شيء في المعدة وذبل صاحبه .
وانتفخ بطنه ومات .
وأصناف السحج دموي وصديدي ومري ومدي وخراطي ومخاطيّ وزبدي وقشاري .
والمري أسلم ويتدارك .
وكثيراً ما يكون من أمراض حادة وحميات محرقة وغبية وأكثر ما يكون بحراناً لها والمدي إذا ابتدأ مدياً فإما أن يكون سببه انفجار دبيلات وأورام في الأحشاء دفعته الطبيعة إلى الأمعاء وهو أسلم وهذا القسم لا يكون بالحقيقة معوياً وكثيراً ما يؤدي إلى المعوي ويحدث منها فساد في آخر الأمر وكثيراً ما يتبعه اختلاف مدي ولا يحتبس ويكون أكثر ذلك قيحياً مدياً وربما خالطه .
إما أن لا يكون سببه ذلك ولا يكون في الأعضاء الباطنة ورم نضيج ينفجر فيكون من جهة سرطان متعفّن في الأحشاء ولا برء له لكثرة ما يصاك وقلة ما يجد من السكون ولصعوبة العلة في نفسها .
وأما الصديدي فإما عن ذوبان وإما عن رشح من ورم هو في طريق النضج .
وأكثره ليس بمعوي .
وأما المموي فمنه واقع دفعة ومنه واقع يسيراً يسيراً .
والأول سببه انفتاح عرق وانحلال فرد .
وإذا لم يصحبه وجع ما فليس من الأمعاء بل من أحشاء آخرى وخصوصاً إذا اقترن بذلك علامات آخرى .
وقد يكون من الأمعاء أيضاً بلا وجع إذا كان على سبيل انفتاح فوهات عروقها من غير سبب آخر وهو أسلم .
وإذا كان الشتاء يابساً شماليا ثم عقبه ربيع مطير جنويي وصيف مطير أكثر إسهال الدم .
وكذلك إذا كان الشتاء جنوبياً والربيع شمالياً قليل المطر وخصوصاً في الأبدان الرطبة وأبدان النساء .
وإذا جاء صيف ومد بعد الربيع الشمالي والشتاء الجنوبي أكثر الإسهال والسحج وكان سببهما كثرة النوازل .
وقد يكثر إسهال الدمم في البلاد الجنوبية ومع هبوب الجنائب وكثرة الأمطار لتحريكها المواد وإرخائها المسام وخصوصاً عقيب نوازل مالحة .
وأما الذي يكون من إسهال الدم بعد إسهال مراري وسحج مراري ومع وجع فهو أردأ وخصوصاً إذا سبقت الخراطة ثم جاء دم صرف فإن ذلك يدل على أن العلة توغلت في جرم الأمعاء .
وأما الخراطي فهو عن انجراد ما على وجوه الأمعاء .
وأما المخاطي فهو لرطوبة غليظة فربما وقع الاختلاف المخاطي في الحميات المركبة وضرب من الحميات سنذكره في بابه وفي الحميات الوبائية .
وأكثر ما يكون في الوبائية يكون زبدياً .
وأما القشاري فقد يكون عن قروح المعدة ويخرج بالإسهال ولكن لا يكون هناك سحج وإذا كان مع سحج فهو عن نفس طبقات الأمعاء .
ويستدل على الغلاظ دائماً بالغلظ وفي الأكثر بالكبر وعلى الدقاق بالضدّ وهذه القشارات تخرج عند القيام ويكون أكثر خروجها عند الحقن الغسّالة .
قال أبقراط : الخلفة العتيقة السوداوية لا تبرأ وقال أيضاً إذا كان الاستفراغ مثل الماء ثم صار مثل المرهم فهو رديء .
واذا وقع عقيب الاستسقاء إسهال خصوصاً الاستسقاء الحادث عن ورم الكبد كان رديئاً ويكون ذرباً فيسهل عن المائية ولا ينقطع .
قال : كل خلقة تعرض بعد مرض بغتة فهو دليل موت قريب .
كما قال وقد يكون مع الاستسقاء ذرب لاينقطع ولا يفيد لأنه لايسهل المائية بل يسهل ما يضعف به البدن .
وقد يؤدي السحج وقروح الأمعاء إلى الاستسقاء .
ومن كان به مع المغص كزاز وقيء وفواق وذهول عقل دلّ على موته .
وفي كتاب أبقراط : من كان به دوسنطاريا وظهر خلف أذنه اليسرى شيء أسود شبيه بالكرسنة واعتراه مع ذلك عطش شديد مات في العشرين لا يتآخر ولا ينجو .
واعلم أن الحمّى الصعبة الدالة على عظم وأيضاً سقوط الشهوة الدالة على موت القوة التي في فم المعدة والإسهال الأسود في قروح المعي كل ذلك رديء .
وأما الذي يكون من الأمعاء من غير سحج ودم ومن غير سبب من فوقها فيشارك زلق المعدة في الأسباب .
لكن الكائن عن إذابة القروح فيها أكثر مما في المعدة بل كأنه لا يكون إلا فيها فإن كانت قلاعية وكانت المادة الفاعلة لها لا تزال تسيل أدى ذلك لا محالة إلى سحج دموي وإلى إطلاق دم قوي ويشاركها في السبب لزوم قوة من دواء مسهل لفوهات العروق التي لها ولسطحها فيسهّل .
والذي يكون عن ضعف المعي والمعدة فيسمى مادة البطن .
وأكثر السبب في ذلك سعف وقروح وذوبان .
وربما اتفق أن ينفعه شيء من هذا الدم المنصب في البطن فيدل عليه برد الأطراف دفعة بغتة وانتفاخ البطن وسقوط القوة وتأد إلى الغشي .
وأما الذي يكون عن المعي المستقيم وهو المعي السادس فمنها أن يكون مع وجع ويسمى زحيراً وهو وجع تمددي وانجرادي في المعي المستقيم .
ومنه ما يكون بلا وجع .
وسبب الزحير إما ورم حار يسيل منه شيء أو ورم صلب أو ريح أو استرخاء العضلة فتخرج معه المقعدة أو تمدد يعرض وكزاز فيمنع العضلة الحابسة للبراز في نواحي المقعدة عن فعلها أو فضل مالح أو بورقي أو كيموس غليظ أو مرار مداخل أو استتباع لدوسنطاريا أو برد يصيب العضو أو طول جلوس على صلابة أو غلظ ما يخرج من الثفل وصلابته أو أخلاط حادة أو نواصير أو بواسير أو شقاق أو قروح وتأكل أو ثفل محتبس .
وأكثر ما يكون عن خلط مخاطي وبعد أن يكون مخاطياً يصير خراطياً ثم نقط دم وربما خرج بالزحير شيء كالحجر على ما حكاه بعضهم .
و " جالينوس " يستبعده .
وأكثر ما يعرض الزجير لأصحاب البلغم العفن فإنه لعفنه يبقى أثره في المعي المستقيم عند مروره كل وقت ثم يصير لزجاً لازماً مؤذياً وربما أوهم العليل أن في مقعدته ملحاً مذروراً لبورقيته .
وأسهل الزحير ما لم يكن عقيب الدوسنطاريا ومتولّداً عن الدوسنطاريا .
وقد يعرض أن تكز المقعدة والمستقيم أو يتمددا فيعرض لعضلها أن لا تحبس ما يصل إليها كما أنه يعرض لها أن تكز فلا تقدر على استنزال ما فوقها إليها .
وأما الذي يكون عن المقعدة بلا وجع فيكون دماً لا غير ويكون أكثره على سبيل دفع الطبيعة لفضل في البدن حصره في البدن أسباب الفضل من الأغذية أو احتباس سيلان أو قطع لعضو أو ترك رياضة أوسائر ما قيل في موضعه .
وهذا لا يجب أن يحتبس إلا أن يخاف سقوط النبض والقوة .
فهذه أصناف السيلان الزحيري من الأمعاء الستة .
وأما الكائن عن جميع البدن فإما على سبيل البحران وقوة من القوة الدافعة وإما على سبيل سقوط من القوة الماسكة كما يعرض للخائف المذعور والمسلول والمدقوق في آخر عمره وإما على سبيل الذوبان ويبتدىء رقيقاً ثم يصير خائراً ويشتد الجوع والوجع ثم تسقط الشهوة من الجهات وتسقط القوة وتعرض حميات وربما عرض غثيان وعسر البول ورياح وقراقر وكمودة اللون وبرد الأطراف وجفاف اللسان وإما على سبيل استحالة الأخلاط إلى فساد لحميات رديئة وشموم ضارة .
وإما على سبيل انتفاض من امتلاء شديد الماء يعرف من ترك الاستفراغ أو طرو احتباس سيلان معتاد وقطع عضو أو ترك رياضة أو قلة تحلل من البدن .
وسائر ما عرفته أو لتراكم التخم الكثيرة في دفعات فيرجع على سبيل مرض حاد وهو من جملة الهيضة .
وأما على سبيل امتناع من نفوذ الغذاء لسدد في العروق وغير ذلك .
فأما الهيضة فهي حركة من المواد الفاسدة الغير المنهضمة إلى الانفصال من طريق المعي راجعات إليه عن البدن على حدة وعنف من الدافعة فإن الأغذية إذا لم تنهضم جداً استحالت إلى أخلاط غير موافقة للبدن وتحرّكت الطبيعة إلى دفعها إذا ثقلت عليها من الجهات بأصناف من القيء المري الزنجاري والمائي أحياناً وأصناف من الإسهال .
وما كان من الهيضة سببه من فساد طعام واحد فهو أسلم ما يكون بسبب تواتر فساد بعد فساد .
والهيضة الرديئة تبتدىء أولاً ابتداء خفيفاً ثم يحدث وجع ومغص في البطن والأمعاء ويصعد إلى المعدة لكثرة ما تؤديها الأخلاط الحارة المتجهة إليها وفي الأكثر يكون إسهال وقيء معي .
فإذا اندفعت استتبعت أخلاط البدن لما عرفت من السبب فتبدأ بإسهال مراري ثم مائي خالص رهل منتن ثم ربما أدى إلى اختلاف كغسالة اللحم الطري دسم الرائحة وإلى الخراطة ثم يؤدي إلى استرخاء النبض والتشنج والعرق البارد وإلى الموت .
والصبر على العطش نافع لهم وكثيراً ما يعرض لهم بطلان النبض على سبيل الضغط والتأدي ولسبب الأعراض الفاحشة فإذا سكنت الأعراض عاد النبض ومن كان معتاداً للهيضة لم يكن له منها خطر من لم يكن معتاداً لها وهي في الصبيان أكثر .
وأكثر ما تعرض الهيضة فإنما تعرض في الصيف والخريف لضعف الهضم فيهما وتقل في الشتاء والربيع .
وقد يكثر حدوث للهيضة من شرب ماء بارد على الريق يتبع غذاء غليظاً لا سيما في الفطر من الصوم والمشمش والبطيخ مما يهيجان الهيضة .
وكثيراً ما تحتبس الهيضة فيميل نفث مادتها إلى أعضاء البول فتحدث حرقة في البول .
وأما الإسهال الواقع بسبب امتناع نفوذ الغذاء وهو السددي فهو الذي يسمى الإسهال الكائن بأدوار وذلك لأن العروق المنسدة تمتلىء في مدة معلومة إلى أن لا تحتمل ثم تستفرغ راجعة وفيما بينهما حال كالصحة .
وأكثر النوبة عشرون يوماً وربما تقدم أو تآخر لما يعلم من الأسباب .
وأما الكائن لسبب لأغذية فقد ذكرناه مرة في باب المعدة ولا بأس لو أعدنا ذلك وزدناه شرحاً .
فنقول : أن الكائن للأغذية إما لقلتها فتفسد في المعدة الحامية كما علمت فلا تقبلها الطبيعة فتدفعها وإما لكثرتها فتمدّد وتكط أولاً تقبل الهضم وتفسد أو لثقلها أيضاً فتهبط وإما للذعها كالبصل وإما لقوة سمية فيها كالفطر أو لسرعة استحالة إلى فساد كاللبن أو لشدة رقتها فترشح ولا تحتبس عند الباب وإما لرطوبتها أو لزوجتها فتزلق أو لكثرة الحركة عليها أو لكثرة شرب الماء عليها فتكظ وتزلق أو لكثرة ما يجد من الأخلاط المزلقة كالبلغم أو الجالية كالصفراء أو لكونه غذاء كذب وهو الكثير الكمية القليل الغذاء مثل البقول .
أو لترتيب يوجب الإزلاق مثل تقديم الغذاء اللين الخفيف الهضم المزلق وتأخير الغذاء القابض العاصر أو تأخير سريع الاستحالة فيفسد ما تحته وتستدعي الطبيعة إلى الدافع .
وأما الكائن بسبب الهواء المحيط وهو أن الهواء الحار يحلل فيجفف والبارد يجمع ويحصف .
والجنوب وكثرة الأمطار والبلاد الجنوبية تطلق وربما كانت الرياح سبباً للإسهال بما يفسد من الهضم ويحرك من الغذاء .
قال أبقراط : اللثغ يعرض لهم الذرب كثيراً يعني باللثغ الذين لا يفصحون بالراء .
والسبب في ذلك أن الرطوبة مستولية على أعضائهم العصبية وعلى معدهم لمشاركة أدمغتهم أو لسبب عم الدماغ وغيره .
وهؤلاء أيضاً يجب أن يسهلوا برفق .
وقال أيضاً : من كان في شبابه ليّن الطبيعة أو صلبها فهو عند الشيخوخة بالضد ومن كان دائم لين الطبيعة في الشباب لم يوافقه في شيخوخته دوامه وكل خلفة تكون بعد مرض شديد والفواق إذا حدث بصاحب البطن وخصوصاً بصاحب الزحير فذلك دليل شر يدل على اليبس المذبل .
وإذا غذي المبطون الضعيف فلم يزد نبضه فلا تعالجه .
والمبطون يموت وقليلاً قليلاً يسقط نبضه ويصير دودياً ونملياً وهو مع ذلك يعيش ويعقل ثم يبطل نبضه وهو يعيش ثم يموت .
واعلم أن من يختلق أصنافاً مختلفة من المراري ومن الزبدي والفنون السمجة ولا يضعف فلا تحبسه فيؤدي به إلى أمراض صعبة أو أورام خبيثة رديئة .
العلامات : قيل أنه إذا كان البول في الحميات الصفراوية أبيض مع سلامة الدلائل أي ثبات العقل وفقدان الصداع ونحوه فتوقع سحج الأمعاء .
ثم الفرق بين الدماغي والمعدي أن المعدي لا ترتيب له ولا أوقات بأعيانها يثور فيها بل يكون بحسب التدبير وإن كانت الهاضمة ضعيفة خرج بلا هضم وإن كانت الماسكة ضعيفة خرج سريعاً فإن كانت الماسكة والدافعة جميعاً ضعيفتين خرج سريعاً ولم يخرج كثيراً دفعة بل يواتر القيام قليلاً قليلاً وأكثره من برد .
وإن كان الضعف في غير الهاضمة خرج ما يخرج غير عادم للهضم كله بل يخرج وله هضم ما بحسب زمان لبثه في المعدة .
والذي يكون عن زلق رطوبي تخرج معه رطوبات .
والذي يكون عن زلق قروحي أو بثوري فتكون معه علامات قروح المعدة من القيء القشاري والبثور في وقد قال أيضاً من كان به زلق الأمعاء فالقيء له رديء وهذا حكم خفي العلة .
وأما الدماغي فأكثره بعد النوم الطويل محفوظ النوائب ومعه علامات النوازل وفساد مزاج الدماغ وفي الكتاب الغريب إذا ظهر في زلق الأمعاء على الأضلاع بثر بيض تشبه االحمض ودر البول وكثر مات من ساعته .
وأما الكبدي فقد ذكرنا علاماته في باب أمراض الكبد وكذلك الماساريقا .
وأما الطحالي فأكثره سوداوي وقد ذكرناه في بابه ومثل الدردي .
وقد ذكرناه ما في ذلك من العلامات الرديئة والسليمة وفرّقناه من الكبدي ودللنا على أنه يكون عند أوجاعه وأحواله الخارجة عن الطبيعة في باب أمراض الطحال وفي هذا الباب نفسه وعند ذكر الاندفاعات الكبدية .
وأما المعوي فيدل عليه وجع الأمعاء والمغص ويخالف الكبدي بما علمته من أن ذلك أكثر وله نوائب وفترات وكل نوبة أردأ من التي قبلها وأنتن وإضراره بعبالة البدن أشد وعلامات فساد الكبد معه أظهر .
واعلم أن حال الوجع والمغص والخراطة أعظم ما يرجع إليه فيعلم عند وجوده أنه من المعىِ لا محاله وإن كان مع عدمه قد يكون أيضأ من المعي والسحج وإسهال الدم الخاص بالأمعاء يحل عليه أيضاَ الوجع والمغص أيضاَ .
وربما كان إسهال دم عن انفتاح عروق ومعه سحج إذا تقرح وربما كان التقرح أولاً ثم يتبعه إسهال دم .
ويدل على أنه معوي الخراطة والجرادة وربما كانت القرحة قلاعية بعد فلا تظهر الخراطة إلا بعد حين ولكن يكون زلق موجع في موضع معلوم ويكون قدر ما يخرج قليلاً قليلاً ومتصلاً وطويل المدة .
وخروج القشار في الإسهال بلا سحج يدل على أنها من المعدة فما يليها ويدل عليه وجع المعدة وما علم في بابه .
واعلم أن الخراطة والجرادة دليلان قاطعان على القروح وإذا كانت مع ذلك منتنة الريح دلت على تأكل وإن كانت مع ذلك النتن سوداوية خيف أن تكون سرطانية ويعرف مكان القرحة أو الآفة ومبدأ خروج الدم من مكان الوجع هل هو فوق السرة أو تحتها أو من قوة الوجع فإن وجع الدقاق شديد لا يشارك الأعضاء الفوقانية .
ومن القشور هل هي رقيقة أو غليظة فإن الغليظة تكون دائماً من الغلظ والرقيقة تكون في أكثر الأمر من الدقاق والكبيرة تكون في الأكثر من الغلاظ والصغيرة من الدقاق ومن الاختلاط فإن شدة الاختلاط مما يخرج يدل على أن القرحة في المعي العليا والمنحاز عنه يدل على أنها في السفلى .
وكثيراً ما يكون الذي في السفلى وفي المقعدة يخرج دمه قبل البراز ومن زمان ما بين الوجع والقيام فإنه إن كان الزمان أطول فهو في الدقاق .
ومن حال ما يصحبه من البراز فإنه إن كان كيلوسياً أو شبيهاً بماء اللحم فهو في الدقاق ومن النتن فإن ما ينزل من الدقاق أنتن ومن الوجع فإن وجعها أشد ومن الدم الذي ربما خرج فإنه يكون في الدقاق غالباً لا يختلط بالزبل نفسه .
وإعلم أن الماء إذا كان قرحة وكان مزمناً وكان ما يخرج له قدر ثم لم يكن وجع بحسبه فالقرحة كثيرة الوسخ والفرق بين القرحة الوسخة والمتآكلة أن المتأكلة أشد وجعاً وما يخرج منها أشد نتناً وإذا السواد أقل والوسخة يكون صديدها مائياً وإلى البياض والسهوكة وإذا خرج بعد الخراطة دم كثير دل على أن القرحة عادت والعلة قويت وفني ما على وجه الأمعاء ووصل إلى جزء من المعي وكثيراً ما تكون القروح عقيب أورام سبقت فدلت بأوجاعها وبسائر ما نذكر من العلامات على أنها أورام .
وكثيراً ما تكون لأسباب آخر مما ذكرناه .
فإن كان السحج لانفتاح عروق تقدمه استفراغ دم صرف له اختلاط ما وربما كان معه وجع وربما لم يكن وربما كان له أدوار كما يكون أيضاً في غير الحادث من المعي وتقدمته علامات الامتلاء .
وإن كان عن بواسبر وأسباب سرطانية في أعلى الأمعاء كان عفناً ومعه دم أسود ويكون قليلاً متصلاً .
وربما كان له أدوار بحسب امتلاء البدن واستفراغه .
وإن كان عن رطوبات مالحة أو بورقية أو غليظة لزجة دل عليها استفراغها المتقدم وحدوث الرياح والقراقر وعدم الصبغ في البراز وما يحس من شيء انقلع من موضع ويكون الوجع كاللازم لا ينتقل إلى وإن كان عن صفراء سحجتها دل عليها استفراغها المتقدم والمخالط لخراطة إن كانت أو لبراز فيشتد صبغه وكذلك السوداوي الرديء والسليم يدل عليه تقدم ذلك النمط من السوداء ومخالطته لما يخرج حامضاَ في ريحه عالياً على الأرض أو دردياَ أسود غير حامض في ريحه ولا عالٍ ويكون معه كرب شديد .
وربما أدى إلى غشي .
واعلم أن سبب السحج والدوسنطاريا إن كان فإنما بعد يخرج مع الخراطة مثل صفراء أو سوداء أو دم حار أو بلغم عفن أو زجاجي أو ثفل يابس فالعلة في طريق الازدياد لملازمة السبب فإن انقْطع ذلك وبقيت الخراطة والجرادة والدم ونحو ذلك فإن السبب قد انقطع وبقي المسيب والأثر الحاصل عنه .
فيجب أن يقصد هو وحده بالعلاج .
وعلامة الإسهال المعوي الدموي الرديء أن يتبع سحجاً مؤلماً أو إسهالاً متواتراً ثم تبطل معه الشهوة وتنقلب النفس ويؤدي إلى الخراطة والجرادة ويهلك كثيراً .
وأما الكائن دفعة بلا وجع كثير ولا اَفة تتبعه في الشهوة وغيرها فهو سليم .
وإن كان غن غلظ الثفل فيدل عليه حال الثفل وحدوثه مع مرور الثفل وسكون الوجع عند حال لين الطبيعة .
وكثيراً ما يكون ما يخرج عصارة تنفصل عن الثفل عندما يغلظ ويجف السبب الذي يجففه فيظن إسهالاً يحتبس وفيه الهلاك .
وعلامة ذلك أن لا يكون شيء منه وأما القسم الذي قبله فأكثره يخرج بعد الثفل الذي يسحج .
وأما الزلقي منه فيدل على الفرق بينه وبين زلق المعدة هضم يسير يكون في الطعام فإذا انحدر عن المعدة لم يلبث في الأمعاء بل بادر إلى الخروج .
فإن كان سببه قروحاً دل عليه السحج وما يخرج من دلائل القروح .
وإن كان هناك بلغم لزج دل عليه أيضاً البلغم الذي يخرج معه والرياح والقراقر .
وفي البلغمي يحس بزلق شيء ثقيل وفي القروحي بالوجع تحت مكان المعدة فإن كان زلق ليس عن قروح ولا عن بلغم بل لسوء مزاج دل على ذلك عدم خروج علامات القروح والبلغم .
وأما السوداوي ِ والذوباني فيدل عليه سلامة الأحشاء في أنفسها وبراءتها من الدلائل الموجبة للإسهال عنها واشتعال البدن وحرارته وملازمة حمى دقية واختلاف لون وقوام ونتن رائحة .
فما كان من ذوبان الأخلاط كان صديداً مائياً وما كان من ذوبان اللحم الشحمي كان صديداً غليظاً كما في القروح مع دسومة وألوان مختلفة ثم يصير له قوام الشحم من غير اختلاف في قوامه ولا مائيته .
وكذلك حال ذوبان اللحم الأحمر إلا أنه يعدم الدسومة ويكون آخره دردي اللون .
وأما الكائن عن فضل وامتلاء تدفعه الطبيعة من البدن لما ذكر من أسباب إحداث الفضل والامتلاء فتدل عليه الأسباب ويدل عليه أن المستفرغ يكون دماً ضعيفاً صرفاً تقياً مع كثرة دفعة بلا وجع ولا يستتبع استرخاء ولا ضعفاً ويكون له نوائب .
وأما الزحيري فيدل على أقسامه ما يخرج مما يري والأسباب الموجودة من برد واصل أو من جلوس على صلابة أو من بواسير وشقاق وغير ذلك وما تقدم من إسهال وسحج أو لم يتقدم ومما تغلظ فيه أن يكون هناك ثفل محتبس يؤلم ويوجع ويرسل عصارة فيتوهم أنها سيلان زحير .
وربما خرج خراطة كالبلغم فيوهم أن الزحيري بلغمي فلا يجب أن تغتر بذلك بل يجب أن تتأمل السبب من وجهه على ما علمت .
والفرق بين قروحه وقروح الأمعاء التي فوقه أن ما يسيل من المعي المستقيم يقل فيه النتن أو لا يكون فيه نتن .
وإذا عرض لصاحب قروح الأمعاء وصاحب إسهال الدم أن يجمد الدم في بطنه عرضت العلامات التي ذكرناها في باب أسباب هذه العلة من انتفاخ البطن وبرد الأطراف دفعة ومن سقوط القوة والنبض وإذا عرض لصاحب هذه العلة شيء من هذا فاعلم أن الدم عرض له ذلك .
واعلم أن الدم الأسود الكائن للاحتراق إذا اتجه إلى الاخضرار فقد أخذت الطبيعة في التلافي فيخضز ثم يصفر ثم يقف .
واعلم أنه تقام أشياء كالغدد فيتوهم أنها خرط لصهروج الأمعاء وذلك لا يكون إلا مع مغص فذلك ليس بخراطة بل فضول خلط .
واعلم أن من كان به قيام واحتبس وهو باق على حاله لا تثوب إليه قوته فالسبب فيه أن واعلم أن من يقوم بالنهار أكثر منه بالليل بل يعتريه القيام كل ما تناول شهوته نهاراً فالسبب ضعف معدته .
وإذا كان بالليل أكثر فالسبب ضعف كبده وردها للغذاء .
واعلم أنه كثيراً ما أعقب القيام بإخراجه اللطيف وتخليفه الكثيف قولنجاً شديداً فاعلم العلامات والأسباب .
معالجات الإسهال مطلقاً : أقول أولاً أنه يجب أن يشتغل بما قيل في باب إفراط إسهال الأدوية المشروبة ويقرأ ذلك الباب مع هذا الباب ثم نقول أن الإسهال يمنع من حيث هو إسهال بالقابضات والمغلظات المواد وبالمغريات وربما احتيج إلى المخدرات وأيضاَ قد يعالج الإسهال بالمدرّات والمعرفات وبموسعات المسام والمقيآت فإن هذه جميعها تحرك المادة إلى خلاف جهة الإسهال فإن خالط الإسهال حرارة جعل معها مبرّدات أو اختير منها مبرّدات واستعمال الموسعات للمسام والمعرقات من خارج البدن فإن خالطها برد جعل معها مسخّنات أو اختير منها مسخنات .
وأكثر ما يحتاج إلى المسخّنات إذا كانت القوة الهاضمة ضعيفة ثم إذا كانت سدد من أخلاط لزجة ويستعان بما قيل في باب ضعف الهضم وأكثر ما يحتاج إلى المبرّدات إذا كانت الماسكة ضعيفة والجاذبة قد تعين على حبس الظبيعة بما ينفذ الغذاء بسرعة .
وربما تدر وتعرق وربما فعل الشراب الصرف القوي العتيق هذا فإن من به إسهال ربما شرب أقداحاً من شراب بهذه الصفة بعضهما خلف بعض حتى يكون دائماً كالسكران فتحتبس طبيعته .
واعلم أن النوم من أنفع الأشياء لمن به إسهال وإذا كان مع الإسهال سعال ترك ما فيه حموضة شديدة وقبض واقتصر على ما ليس فيه ذلك من الأطعمة والأغذية واختير الباردة المغربية وكذلك كل ما جرمه صلب وفيه تقوية البدن الذي يتغذى به مثل الأسوقة ويضرّهم كل ما يسيل من الإحساء والمراق .
واعلم أن الربوب المحلاة كثيراً ما ضرت بتهييج العطش ومن حوابس الإسهال االحمام والدلك بما يوسع المسام وكثيراً ما تجذب المادة إلى ظاهر البدن من المروخات والدلوكات ومنها الأدهان الحارة كدهن الشبث ونحوه .
ومن حوابس الإسهال وضع المحاجم على البطن .
وقد جرب وضع المحاجم على بطون من بهم إسهال وسحج إذا تركت عليهم إلى أربع ساعات احتبست .
ونحن قد جربنا ذلك .
ومن حوابس الإسهال الأضمدة للمعدة والأمعاء يتخذ من المسخّنات القابضة ومن المبردات القابضة بحسب الحاجة ومن حوابس الإسهال الإسهال وذلك إذا كان سبب الإسهال خلطاً ينصب إلى المعدة والمعي فينزل الطعام ويسيله ويستفرغه ويلزم استفراغه أن تتبعه الأخلاط فإذا استؤصل ذلك واستفرغ وإن وجه التدبير .
وإذا استعملت الأدوية فابدأ بالمفردة فإن لم ينجع فحينئذ تصير إلى المركّبة والحابسة إما مجففة ميبسة وإما مقبضة وإما مبردة مخثرة وإما مغرية مسددة للمسام التي منها ينبعث .
والأدوية المفردة الباردة الحابسة مطلقاً ويحسب قوم أن الحابسة مثل الجلنار والعفص وأقاقيا .
والورد والصمغ العربي والطين الأرمني والطين المختوم والطراثيث والطباشير وخصوصاً المقلي وخصوصاً الذي ربي بالكافور وثمرة الطرفاء والعليق وحب الرمان والسماق والأمبر باريس والزراوند وبزر الحماض وبزر قطونا المقلي والكزبرة وبزر لسان الحمل وعصارة لحية التيس وبزر الورد جيد وثمرة التوت الفج وخصوصاً من السحج وعصارة القوابض مجففة وربوبها وعصارة بزر البقلة الحمقاء أوقية واحدة يشربها فيكون نافعاً والرائب المطبوخ الذي لا زبد فيه أصلا .
والأدوية المفردة الحارة الحابسة فهي مثل الكمون المقلو والنانخواه والأنيسون المقلو وقشار الكندر والمر والميعة اليابسة والدار شيشعان ومثل اللاذن نفسه يسقى منه درهم بمطبوخ والجبن العتيق المقلو يؤخذ كما هو أو يطبخ في عصارة قابضة لكنه يعطش .
وأفضل تدبيره أن يغسل بالماء والملح مرات أو يطبخ طبخاً يخرج ملحه ثم يجفف فإن الدرهم منه يحبس .
وهذا أقوى كل شيء .
والصبيان قد يشوى لهم الجوز المقشر ويدق ويعطى بسكر مقلو وماء بارد قدر جلوزة والزاجات والانفحات عاقلة وأنفحة الجدي قد يسقى منها الصبي ربع درهم في ماء بارد وللكبير فوق ذلك ووزن درهم واحد من أنفحة الأرنب فإنه يجبس البطن في وقت ويجب أن يبتدأ في سقي الأنافح من ذانق فإن لم ينفع زدت منها إلى ما لا تجاوز به في الوزن وزن درهم والجبن العتيق الذي سلف تدبيره إذا سقي منه درهم فهو أقل ضرراً وأقوى فعلاً من الأنفحة .
وقد زعم بعضهم أن المبيختج إذا أحرقت قطعة منه حتى يسود ثم يسقى منه نصف درهم فإنه يجبس البطن .
وقد حدثني صديق لي من المعالجين بتصديق ذلك تجربة له وخرء الكلب الأكل العظام وحده إذا سقي منه درهم ونصف حبس بقوة خصوصاً اليابس المأخوذ في شهر تموز .
ومما لا ينسب إلى أحد الطرفين نسبة كبيرة قوابض النعام مجففة والشربة وزن ثلاثة دراهم يجفف ويبرد بالمبرّد ويسقى منه هذا القدر من كان به ذرب في رب الآس في رب السفرجل بحسب ميل مزاجه وأيضاً لبن المعز المطبوخ حتى يغلظ والمرضوف بالرضف يلقى فيه ثلاث مرار واجعل فيه قليل رز مقلو وأيضاً مح البيض مسلوقاً في الخل ومن المركبات المائلة إلى البرد أقراص الطباشيرالممسك وأقراص العليق المسمى قلنديقون وأقراص الطين المختوم وأقراص الجلنار وأقراص الفيلزهرج وأقراص الطراثيث وأقراص الزعفران وأقراص الأفيون وأقراص الخشخاش الممسك وحب الأفيون وحبً البيروح والمقلياثا وسفوف حب الرمان وحب السندروس .
للإسهال المزمن وزن درهم من الصدف المحرق ومن الطين الأرمني مناصفة وأصناف المقلياثا بالطين المختوم وبغير الطين المختوم .
ولا يجب أن يفرط في قلبها فيذهب قوتها بل يجب أن يحمى القدر فترفع على نار وتترك هي عليها وتحرك حتى تنشوي .
ومن المركبات المائلة إلى الحر قليلاً كان أو كثيراً أقراص الأفاويه والجوارشن الخوزي وجوارشنات ذكرناها في الأقراباذين وجوارشن البزور القابضة وأقراص زعفران وأقراص الكهربا .
وأيضاً يؤخذ عفص غير مثقوب أخضر وقشور الرمان سماق وفلفل من كل واحد نصف درهم يسحق وينخل ويعجن ببياض البيض وتقور رمانة وتلقى هي فيها ويسد بابها بالشحم وتوضع على الجمر .
ومن ذلك أن يؤخذ دقيق الحنطة ويخلط بشيء من نانخواه وثمرة الطرفاء وحرف ويلت بزيت أنفاق ويعجن ويخبز ويجفف في التنور ثم يؤخذ منه وزن عشرة دراهم مدقوقاَ يشرب في ماء بارد وقليل شراب .
ومن هنا القبيل أيضاً مما يعالج به الصبيان إذا عرض لهم إسهال عند نبات أسنانهم .
ونسخته : يؤخذ خشخاش وحب الآس وكندر ذكر وسعد من كل واحد نصف درهم فينعم سحقه فيداف في لبنه الذي يرضعه ويسقى .
ومن هذا القبيل دواء جيد مجرب .
ونسخته : يؤخذ حب الزبيب المجفف وينعم سحقه حتى يصير كالغبار ويؤخذ العظام المحرقة ويؤخذ لب البلوط والأنفحة والكزبرة المقلوة وسماق وخرنوب الشوكا وبزر الكرفس والكمون المنقوع في الخل والخبز الفطير اليابس والكندر والنانخواه أجزاء سواء يسحق جيداً ويرفع ذلك ولك أن تجعل الأنفحة أقلها أو نصف جزء ثم يتنارل كل ساعة منه قميحة بمقدار ما يكون قد تناول في اليوم عشرين درهماً إن كان من الأنفحة جزء أو أقل من ذلك وإن كانت الأنفحة أكثر من جزء فتحتبس الطبيعة في يوم واحد .
ومن هذا القبيل دواء مجرب .
و نسخته : يؤخذ السعد والسنبل والجلنار ودقاق الكندر وشيء من العفص مقدار نصف درهم يطبخ في الماء طبخاَ ثم يصفى ذلك الماء ويذر عليه من السك والمسك والعود الخام الجيد شيء .
بحسب ما يوجبه الحال ويشرب .
وأنت تعلم قوانين الموازين بحسب الأمزجة والأهوية والعلل ويستعمل بحسب ما تأمره .
أخرى : ومن هذا القبيل يؤخذ زنجبيل زاج الأساكفة سماق بالسوية يستف وزن درهمين إلى مثقالين .
أخرى : ومن هذا القبيل وأقرب إلى الاعتدال أن يؤخذ برشياوشان وسنبل الطيب وبزر النيل الأملس ولب الثيل وبزر الفجل والباذاورد وأصل شجرة الصنوبر ويتخذ منه أقراص .
واعلم أن الحاجة إلى الطباشير حبس الدم والحاجة إلى البزور حبس الإسهال المعوي والحاجة إلى البزر القطونا ولسان الحمل المقلي هو المغص وإلا فإن نفس الإسهال تزيله الأسوقة وخصوصاً مكررة القلي .
والغذاء ماذكرناه والبيض المسلوق منفعته في الإسهال الكائن عن عفن الأمعاء وليس بموافق للكبدي والمعدي بل ربما ضر .
وأما المخدرات فإن فيها خطراً وإن كان قد تعرض لها الحاجة فإنها قد تنفع من حيث تغلظ المادة ومن حيث تنوم وتبطل الحاجة إلى القيام بسبب حبس اللذع وكيف كان فلا يجب أن يستعمل ماكان عنها مندوحة وإذا وجب استعمالها لم تستعمل على ما ذكرنا فيمن برد بدنه وضعفت قوته وظهر ذلك في النبض .
فإن كان لا بد خلط بها مثل الجندبيستر والزعفران ونحوه .
وقد شاهدنا من احتمل من الأفيون شيافة فمات .
وإن أمكن أن يستعمل في شياف لم يستعمله مشروباً وإذا أمكن أن يستعمل في ضمادات لم يستعمل حمولاً .
ومن الضمادات المخدّرة أن يؤخذ من الأفيون ومن بزر البنج جزء جزء ومن جفت البلوط والجلّنار والأقاقيا والكندر والمر من كل واحد خمسة أجزاء ويجمع بعصارة البنج أو عصارة قشر الخشخاش أو طبيخهما ويطلى فإنه جيد مخدّر .
مشروب قوي القبض ونسخته : يؤخذ من أنفحة الأرنب وزن .
دانقين ومن الأفيون مثله ومن العفص وزن نصف درهم ومن الكندر نصف درهم تتخذ منه أقراص والشربة نصف مثقال .
آخرى : يؤخذ عفص فجّ جزء كندر أفيون من كل واحد نصف جزء بالسوية الشربة درهم .
وأيضاً يؤخذ بزر البنج وأفيون وخشخاش وطباشير وجلّنار وكندر بالسوية والشربة إلى درهم .
وأيضاً : يؤخذ من السندروس والأفيون ودقاق الكندر ومرّ وزعفران يسقى منه حبتان مثل حمصتين وأصلح من ذلك جندبادستر أفيون ميعة سائلة زرنيخ مرّ زعفرأن أسارون كندر نانخواه بالسوية يعجن بعسل منزوع الرعوة .
والشربة منه مثل النبقة .
آخرى : يؤخذ أيضاً مرداسنج ربع درهم أنفحة نصف درهم عظام محرقة درهم عفص درهم أفيون دانق .
آخرى : وأيضاً أقراص بزر البنج ومعجون البنج نافع جداً .
آخرى : يؤخذ أقاقيا وعفص وأفيون وصمغ من كل واحد جزء تتخذ منه أقراصاً .
وهذا الدواء الذي نحن واصفوه مجرب يحبس في يومين .
ونسخته : يؤخذ نخواه وبزر الكرفس وقشور رمان حامض وعفص وأبهل أجزاء بالسوية أفيون نصف جزء يسحق الجميع كالكحل ومن أدوية الآسهال ما يوافق من به مع الآسهال سعال مثل الآس والمصطكي والصمغ الأعرابي والكندر والبزرقطونا المقلو والطباشير والشاهبلوط والجوز واللوز المشوي .
وبالجملة يجب أن يعطى ما ليس فيه حموضة وعفوصة شديدة بل تسديد وتغرية فإن لم يكن بد أعطوا العفصة ثم اتبعوها باللعوقات الملينة للصدر وكثير من اللعوقات المتخذة من الخشخاش والكثيراء والصمغ والخرنوب وثمرة الآس والنشا المقلو ولعابات أشياء قلبت أولاً ثم احتيل في إخراج لعابها تجمع بين الأمرين .
فصل في أغذيتهم : وأما أغذيتهم فيجب أن لا يكون فيها لذع ولا ملوحة كثيرة ولا حموضة مؤذية فتحرك القوة الدافعة إلى الدفع .
وهذه مثل ما ذكرنا من اللبن المطبوخ والمرضوف وخصرصاً الذي طفىء فيه الحديد مرات .
وأجود من ذلك الرائب المنزوع الزبد البتّة مطبوخاً مع قليل أرزّ وجاورس مقلوين .
ويجرب مبلغ ما يستمر به فإذا لم يستمر شيئاً يتناول تناول أقل منه .
وأشد الألبان المطبوخة تقوية لبن البقر وأوفقها للمحرورين لبن الماعز مع أنه قابض .
والرائب أفضل للمحرورين من غير الرائب ومثل لباب السميد المقلو المبرّد المجفف ومثل الخبز المعجون دقيقه بالخل يخبز جيداً وهو للمحرورين غاية .
ومثل العدس المطبوخ في ماءين ويصفيان عنه ثم يطبخ في الثالث حتى يثخن ويحمض ولا تحميض ومثل الحماضية .
وأما الحوامض فمثل ما يتخذ من السماق وحر الرمان بالكعك والكزبرة وربما جعل فيه أرز .
والباقلا المطبوخ بالخل جيد لهم .
ومن أغذيتهم التي تغذو وتكون في نفسها علاجاً جيداً أن يؤخذ من سويق الشعير حفنتان ومن بزر الخشخاثس حفنة ومن قشر الخشخاش حفنة يطبخ جيداً ويصفى ويتناول .
وإن حمضته بسويق التفاح الحامض أو حبّ الرمان أو السماق كان صواباً .
ويكون ملحهم ملحاَ أندرانياً يدق ثم يقلى قلياً جيداً ثم يخلط به حب الرمان والكزبرة والسماق .
وإن لم تكن حرارة شديدة خلط به جبن عتيق مقلو مدقوق ويجب أن لا يسقوا إلا البارد كيف كان .
فإن البارد يعقل ويجزي والحار يحل ويرخّي ويحوج إلى أكبر اللهم إلا في الهيضة على ما شرط وفي السددي والورمي واللحمان التي تصلح لهم لحمان اللطياهيج والقباج والدراريج والعصافير والقنابر ولحم الأرنب والقطا والشفانين والفواخت ولحم السوداني خاصة والأصوب أن تكون مشوية مبزرة محمضة وأيضاً صفرة البيض مسلوقة فى الخل والمصوصات المتخذة منها بمثل حب الرمان والزبيب الكثير العجم والكزبرة وبمثل السماق وما أشبه ذلك من ثمرة العليق وعساليج الكروم وورق الحماض وورق لسان الحمل والكرنب المكزر الطبخ والسمك الصغار المطبوخ بالخلّ .
ومن الذي يجري مجرى الأبازير زهرة الفستق وزهرة الزعرور والكزبرة وحبّ الآس .
وإذا لم يهضموا اللحمان اتخذت لهم مدقّقة من لحم الفراريج والقباج والكزبرة وحب الآس ونحوها وطبخت بقوة وخلط بها أرز وجاورس قليل ثم يصفى وأعيد على النار حتى يقرب من الانعقاد ثم يحمض بسماق أو حب رمان ونحوه .
والكردنانك نافع لهم إذا لم يفسد الهضم جداً ويجب أن لا يملح إلا قليلاً وأن يسيل منها بالغرز رطوبة كثيرة .
والأكارع شديدة النفع لهم إذا طبخت مع الأرز المقلو .
وليجتنبوا الفواكه أصلاً وإن كانت قابضة إلا عند نفور المعدة من الأطعمة الآخرى .
والشاهبلوط لا يضرهم وكذلك القسب .
وإن كان الطعام اللطيف يفسد في معدهم أطعموا الأطعمة التي فيها غلظ ما مثل الأكارع بالربوب القابضة مثل الاحساء القوية المتخذة من الأرز والجاورس .
وربما انتفع بعضهم بقريص البطون ونحوه والسكباج المتخذ من أطايب البقر يأكل السكباج وحده بالثرائد أو يأخذ معه إن اشتهى من الأطايب شيئاً بقدر قوة هضمه وليس موافقة البطن غاية لجميع أصحاب القيام .
ومن الاحساء المحمودة لهم أن يؤخذ الخشخاش ويقلى قلياً قريباً ثم يتخذ منه ومن الأرزّ والجاورس حسو ويحمض إن شاء بالسماق وحبّ الرمان ونحوه أو يتخذ إحساء من الكعك اليابس والأرز وشحم كلي الماعز أو ينقع السماق في ماء المطر يوماً وليلة ويغلى غلية خفيفة ثم يصفيه تصفية شديحة ثم ينقع فيه الفرة حتى ينتفع ثم يطبخه ثم يمرسه فيه بقوة ثم يصفيه ويرمي الثفل ثم لا يزال يحركه على النار بعود حتى يغدو مثل الغراء ثم يطيّبه بالملح قليلاً ويجعل دسمه شحم الجداء أو اللوز المقلو وقليل زيت ولا يكثر فيه الملح والدسومة وهكذا يكون الغذاء حاراً أو بارداً .
ومن دسوماتهم زيت الأنفاق ويجب أن يكون ماؤهم ماء المطر فإن فيه قبضاً وأظن أن أكثر نفع ذلك لسرعة انجذابه إلى الكبد وسرعة تحلله فلا تبقى في الكيلوس رطوبة ويكره لهم الشراب فإن لم يكن بد وكانت القوة تقتضيه لينتعش به فالآسود القابض الطعم القليل .
والأصوب لهم أن لا يأكلوا الأغذية الكثيرة الأصناف ولا مراراً بل يجب أن يقتصروا على طعام واحد قليل المقدار ويكون مرة واحدة وأن يقدموا على الطعام ما هو أقبض وأن يمتصوا قبله شيئاً من السفرجل والرمان الحامض ولا يشربوا عليه الماء .
وإن صبروا على أن لا يشربوا البتة كان علاجاً جيداً بنفسه وخصوصاً إذا لم يتحركوا عليه البتة .
ويجب أن تغمز أطرافهم العالية ليجذب الغذاء إليها وأن تضمد معدهم بالأضمدة القابضة المممسكة الباردة والحارة والمخلوطة بحسب موجب الحال ويجب أن يقع فيها السنبل والمصطكي والمرّ والكعك .
والميسوسن كثير النفع إذا وقع في هذه ا لأدوية .
وهذه صفة طلاء جيد يطلى به ما بين المعدة والكبد إذا كانا متشاركين في الإسهال : يغلى عشرة أجزاء أفسنتين بشراب ويصفى ويوضع على الموضع بخرقة ثم يؤخذ من الورد والجلنار والآس اليابس والأقاقيا والهيوفا فسطيداس والعفص أجزاء سواء يخلط بماء الآس وثجير الأفسنتين المذكور ويضمد به .
واعلم أن الترياق نافع جداً لكل إسهال يغشي ويسقط القوة ولا يكون سبب ورماً ولاحمى شديدة .
والذي ليس يستقلّ عن ضعفه وقد احتبس قيام كأن به ولكن بدنه ليس لغذاء فالرأي له أكل العصافير والنواهض صدورها دون أطرافها العظيمة البطيئة الانحدار مطجنات ومكردنات .
وكذلك أيضاً من تكثر شهوته ويضعف هضمه يعطى هذه الأشياء واللحم الأحمر مقلواً بالزيت مذروراً عليه الدارصيني وينفع ذلك أيضاً في شراب السفرجل والتفاح .
ومما جربناه في الإسهال الدموي لبن الماعز الملقى فيه جارة المحمّاة .
المقالة الثانية معالجات أصناف الاستطلاقات
المختلفة المذكورة بعد الفراغ من العلاج الكلي
قد علمت أسباب الإسهال الكبدي وعلمت علاج إسهال كل سبب فيجب أن ترجع إلى ذلك فتعالج سوء مزاجه وضعفه وورمه وسدده وامتلاءه كلاً بما قيل في بابه فإنك إذا فعلت ذلك فقد عالجته .
والذي يقع في هذا الباب من الخطأ هو أن يعطى من به إسهال كبدي سدي أدوية مقبضة زائدة في التسديد مقوية لها ليعقلوا الطبيعة فيؤدي ذلك إلى خطر عظيم .
وكثيراً ما طلي الجاهلي الكبدي في هذا القيام بمخثرات للدمّ مطفئات للكبد بما هو بارد وفي ذلك هلاك المريض وإعداد للعفونة بل يجب إذا علمت أن السبب فيه سدد في الكبد أو الماساريقا أن تعتني بتفتيح السدد . وقد مدحوا الزبيب السمين في هذا الباب حتى أن قوماً زعموا أنه يبرىء الإسهال الغسالي الصعب .
وقدجربنا ذلك فكان الأمر غير بعيد مما يقولون .
وفي ابتداء القيام الكبدي الأولى أن لا يقرب الخبز فإن الكبد لا يقبله وإنما الصواب الاقتصار على ماء السويق في اليوم مرتين أو ثلاثاً فإن احتمل في آخره خلط الجاورس به طبخاً ثم يصفّيه فعل وإن احتمل أكل المطبوخ غير مصفّى فعل ويطبخ اسكرجة سويق بعشرين أسكرجة ماء إلى أن يغلظ فإذا لم يكن في القارورة تشويش فشحم الدجاج يبرئه .
وإذا كان القيام دموياً كبدياً فليس يجب أن يحبس من تحت لئلا يحتبس شيء مؤذ من فوق فتحدث آفة بل يجود التدبير والعلاج من فوق وأنعم نظرك في معالجة الإسهال الكبدي لأنه يغلط فيه كثير من الأطباء .
علاج الإسهال المعدي والمعوي بلا سحج
ونبدأ منهما بالزلقي وقد علمت في باب المعدة أنه كيف يعالج زلق المعدة بأصنافه وعلاج زلق الأمعاء قريب من ذلك منامسب له ومع ذلك فإنا نورد أشربة وأضمدة وقوانين هي أولى بهذا الموضع . والقانون لهم فيما ليس قروحياً أن تخلط أدوية من القابضة القوية القبض مع القابضة المسخنة شرباَ وضماداً وأن يستعملوا الأدوية التي تعين الطبيعة وتقوي الروح مثل الترياق الفاروق ومثل الأمروسيا والأثاناسيا .
ويجب أن تستعمل المدرات فإنها قوية النفع من هذه العلة وإذا دلت الدلائل على كثرة البلغم اشتغل ياستفراغه وإن لم تنجح الأدوية القريبة القوة والقوية فقوة معتدلة فربما افتقر إلى مثل الخربق .
وأما استفراغ مادة هذه العلة بالقيء فهو رديء صعب وقلما يستفرغ القيء البلغمٍ النازل إلى الأمعاء ولا يجب أن يشرب الماء ما أمكن .
ثم أن شربه لم يجز أن يشربه حاراً البتة .
والشراب العتيق الرقيق الصرف القليل ينفعهم وما خالف ذلك يضرهم ولينتقلوا إن أحبوا أن ينتقلوا بمثل سويق الشعير أو سويق القسب وسويق الخرنوب وسويق حب الرمان وسويق النبق .
وأما الكزبرة فإنها قوية التأثير في حبس الطعام في المعدة .
ومن المركبات الجيدة لهم بزر لسان الحمل والأنيسون من كل واحد وزن درهم قشور الرمان ودم الأخوين من كل واحد نصف درهم وهو شربة .
ويجب أن تشرب في شراب عفص .
وإن كان هن