الله اكبر
بسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماهية الشفاء في القرآن .
( مقدمة )
الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . وصل اللهم وسلم ويارك علي اشرف الخلق سيدنا محمد وعلي آله واصحابه الطيبين الطاهرين .
السيدات والسادة .
هذا الموضوع من الموضوعات الهامة جدا ويقع في صلب الموضوعات الخطيرة التي ارقت مضاجع الباحثون وأثقلت عقول وفكر المفكرون .
ولأكون صريحا معكم وكونه أحد أسلحتنا وسيد أسرارنا فاننا لن نفرغ الان كل مافي جعبتنا ولن ندلي بجميع مافي دلونا يختص بتلك الجزئية الهامة
ولكننا سنلقي الضوء علي بعض المعلومات الهامة التي سنعتبرها كمقدمة لما سيأتي بعدها من علوم وأحكام قرآنية كريمة .
وهذا الموضوع من أهم وأخطر وأغرب الموضوعات والدراسات والابحاث التي كتبت في المجال الطبي علي مستوب العالم علي الاطلاق حتي الآن . الذي يثبت يثبت اثباتا قاطعا وبالدليل العلمي الثابت الذي لا يقبل الشك او الريبة والذي أكدته التجربة العملية علي أرض الواقع علي مدار 25 عاما مدي اهتمام القرآن الكريم بالناحية المرضية والصحية للانسان واعجازه المنقطع النظير في الالمام باساسيات المرض وجذوره في الجسم البشري . والاهتمام كذلك وبالتالي بتوجيه الانسانية الي افضل طرق وأساليب مكافحة المرض .وله حيثياته الدقيقة وتفاصيله الرقيقة التي قد تحتاج الي مجلدات حتي يمكننا الوفاء باحكامه وقوانينه .
ويجب علينا جميعا ان نعلم : بان البناء القويم لا يستوي الا باستواء لبناته وأساسياته وان العلم الصحيح والكامل لايكتمل الا باستواء جزيئات معلوماته .
فالعلم الصحيح والدقيق لا يصح ولا يكون حقيقيا ومؤكدا الا اذا كان مبني علي اصول ومفردات صحيحة ودقيقة.
وعلم الطب من ارقي واسمي العلوم واحد تلك العلوم الهامة والجوهرية والحيوية بالنسبة للانسانية ولا ينكر أهميته الا فاجر زنديق ولا يمكننا أيضا ان ننكراخطائه او نتغاضي عن عثراته او نتجاهل كبواته لاننا لو فعلنا ذلك كما هو واقع الحال الان فاننا لن نسلم من الوقوع في الخطأ والابتعاد والانحراف عن الحقيقة وعن الصواب
وبالتالي لن نصل الي أي نتائج علاجية وشفائية فعالة وحقيقية وصائبة .
السيدات والسادة .
مبدئيا : فنحن نوجه عدة أسئلة فقط الي من ينكر ان يأتي القرآن الكريم بذكر شيء عن المرض وجذوره وأصوله وبالتالي عن المعالجة وسيل الشفاء
في القرآن الكريم .
ونسأله ؟ هل تنكر ورود هذه الاية الكريمة :
( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين )
ونسأله هل تنكر وجود هذه أيضا :
(وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) (الفرقان/ 67).
وهل تنكر ورود هذه ايضا ؟
(﴿ وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا * حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ... ﴾
( وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) (النساء.
وهل تنكر ورود هذه ايضا ؟
( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم ( 282 ) ) .
وهل تنكر وجود هذه ايضا ؟
وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان. .
ونحن سنفرض ان الذي سيرد علينا رجلا مسلما تقيا وورعا فماذا سيكون رده ؟
فبالطبع سيقول : حاشا وكلا . كيف انكرها ؟ فهذه آيات بينات من القرآن الكريم وأنزلها رب العالمين وان انكرتها . اني اذن لمن الظالمين .
فأقول له شيء جميل جدا وطيب اكرمك الله واكثر من امثالك . وأسأله : هل ادركت واستوعبت ما تتحدث عنه تلك الايات التي تؤمن بها وتصدقها ؟
فسيقول : طبعا طبعا فانا ادرك جيدا وافهم ما تعنيه وما تقصده تلك الايات فانا خريج جامعة كذا ودرست كذا وكذا وأحمل شهادات كذا وكذا وكذا .
فأقول له : الله الله عليك يا استاذنا . حضرتك فرصة ذهبية بالنسبة لنا لنستفيد من خبرتك ومن علمك ومن شهاداتك .
فسيرد طبعا ويقول : انا تحت أمرك . أي خدمة فأنا حاضر. .
فسأرد عليه بالتالي شاكرا فضله : يا سيدي شكرا جزيلا بس انا لي سؤال واحد كمان لو سمحت لي حضرتك ؟
فسيرد قائلا : أوي أوي . تحت أمرك ؟ اتفضل اسأل ؟
فأسأله : هل حضرتك تتوقع أن تهتم العناية الالهية والحكمة الربانية بذكر هذه الجزئيات الصغيرة آنفة الذكر في الآيات وتهتم بذكرها وبارشاد العباد عنها
وبتوجيه العباد فيها ولا تهتم بمسألة المرض الذي هو اكثر أهمية واشد وطأة وحدة وخطورة وأوفر حظا وواقعية وفاعلية بالنسبة للبشر جميعا صغيرهم وكبيرهم ورجالهم ونساؤهم ؟
فماذا تعتقدون سيكون الرد ؟
فالمفروض ومن وجهة نظري ان كان رجلا عاقلا ان يكون رده : بالطبع لا : فاذا كان القرآن قد اهتم بذكر هذه القضايا الصغيرة فلابد ان يكون اهتمامه اكبر يذكر المرض الذي هو اشد خطورة وأهمية من القضايا تناولتها تلك الايات القرآنية .
وأما ان كان من الضالين والمكذبين والمنافقين فسينكر بالطبع تلك الفلسفة وتلكم القوانين .
السيدات والسادة الكرام .
في الحقيقة انا لا اريد ان أطيل عليكم .
وللننتبه جميعا الي هذا القول الحكيم والرشيد من الله سبحانه وتعالي ( فيه شفاء للناس ) فان من يعض نفائسه ومن بعض أحكامه أنه يخبرك ويعلمك باساسيات الشفاء كاملة وغير منقوصة . لان علمه سبحانه وتعالي علم كامل وغير منقوص ولكن الحكمة الالهية تقتضي دمج العلوم والمفردات العلمية في القليل من الكلمات وكلماته بمثابة جوامع للكلم الطيب والارشادات القويمة .
وذلك لحكمة عظمي أخري ورحمة لم ينتبه اليها المفكرون وهي التخفيف علي عباده رحمة بهم وشفقة عليهم فخير الكلام عند الله ماقل ومادل. وكما قال احدهم . القرآن الکریم يتمیّز عن سائر الکتب السماویة بإعجازه البلاغي؛ وکانت بلاغته من الوسائل المهمة؛ لإبراز إعجازه وکشف مکامنه والغوص في بحوره وبیان درره الخفیة التي یعجز البشر أن يأتوا بمثلها، والنّص القرآني نصّ غنیّ بأفکاره ومعانیه وحکمه ومواعظه التي اختفت وراء ألفاظه وتراکیبه.
فالحي القيوم بقوله هذا ( فيه شفاء للناس ) والضمير هنا يرجع ويعود علي الدستور الاعظم والقانون الاقوم ( القرآن الكريم ) فقد وجب عليه وفرض علي نفسه انه لابد أن يخبرنا فيه ومن خلاله وببعض آياته كما أسلفنا باساسيات المرض واسبابه من ناحية ومن ناحية اخري لابد ان يخبرنا أيضا من خلال بعض آياته يطرق التعامل مع هذه الاساسيات للوصول الي النتيجة التي اخبرنا بها وهي ( الشفاء ) وذلك لامرين هامين : الاول : لانه في حالة عدم اخباره واعلامه لنا اي تفاصيل عن اصل المرض وسببه فسيصبح مجهولا لعباده . وفي هذه الحالة كيف سيتعامل عباده مع عدو مجهول الهوية لا يعلمون عنه شيئا كما هو واقع الحال الان . وبالتالي لن يصلوا الي اي نتائج شفائية نهائيا وهذا مناقض تماما لكلمات الله سبحانه وتعالي .
والامر الثاني: لابد ان يخبرهم ويرشدهم ايضا ومن خلال بعض آياته ببعض وسائل المكافحة وكيفية التعامل مع تلك المسببات .
لانه في حال عدم اخبارهم واعلامهم وارشادهم سيتخبطوا في ظلام الجهل في كيفية التعامل مع تلك الاسباب
وبالتالي ايضا لن يصلوا اي اي نتيجة شفائية او علاجية وهذا ايضا مناقض لكلمات الله .
فهل هناك رجل عاقل ورشيد يعتقد ان الله سبحانه وتعالي سيخبر عباده ويقول لهم : فيه شفاء للناس . ويصمت ؟؟؟
ولا يخبرهم بحيثيات ومفردات وأحكام هذا الشفاء ؟
من هنا شاءت الحكمة الالهية العظمي ان ترشد العباد وتهديهم الي تلك الاساسيات . وهذا من منطلق الرحمة الكبري التي وسعت كل شيء .
ولنا ان نتوقع جميعا حال من سيعمل تيعا لتلك التوجيهات وتلك الارشادلت . وان نتوقع جميعا ايضا حال من يعرض عنها ويبحث عن الشفاء بطرق وأساليب بعيدى تماما عنها .
ويجب ان نعلم جميعا علم اليقين با ن الحي القيوم لم تتوقف او تنتهي رحماته عند هذا الحد أوعلي الارشاد والتوجيه فقط بل امتد الامر وتجاوز ذلك الي توفير جميع مستلزمات ومواد الشفاء المادية والعينية والمعنوية باشكال وانواع مختلفة وضعها سبحانه وتعالي في مختلف بقاع الارض .
ولم يكتفي سبحانه أيضا بذلك بل حذرنا من الاقتراب من اسباب الضرر والمهالك ودوافعه وقال سبحانه : ( ولا تلقوا بايديكم الي التهلكة )
فكيف سيقول لعباده ابتعدوا عن مواطن الخطر والضرر واسبابها ثم يرسل عليهم انواع الامراض المختلفة ؟ فهل هذا معقووووول ؟
ولا ننسي ذكر الحديث الشريف : ( المؤمن القوي خير وأحب الي الله من المؤمن الضعيف )
سواء كان قويا في الايمان او قويا في الجسد والبنيان او في قويا بالاموال والسلطان .
ولم يكتفي سبحانه وتعالي بذلك بل تجلت صور الرحمة الكبري في ابهي صورها عندما قال سبحانه :: ( ليس علي المريض حرج )
ورفع عن المريض معظم التكليفات في العبادات حتي لا يرهقه ورحمة به وشفقة عليه .
وصور الرحمة الالهية العظمي بالبشر كما تعلمون قد تخطت المريض وتجاوزته بمراحل وشملت البشرية جمعاء عندما قال سبحانه وتعالي :
( لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)
السيدات والسادة .
ان الحاكم علي رقاب العباد جميعا من خير يصيبهم او شر يحيط بهم هو قوانين الله التي وضعها في الارض لمنفعة الانسان فمن يخترق قوانين الله ويتعدي حدود الله سواء كان مؤمنا بالله او كافرا به ولا يعمل بتلك القوانين فقد حقت عليه قوانين العقاب . والمرض واصوله هي أحد اسلحة العقاب التي وضعها الله سبحانه في الارض.ولكنه لم يأمر الانسان باللجوء اليه بل امره بالابتعاد عنه ولا يبتغي اليه سبيلا. كما خلق الشيطان وامرنا بالابتعاد عنه وعدم التعامل معه او الافتراب منه. وأيضا كما خلق الظلم وحرمه علي نفسه وعلي عباده . وخلق الكراهية والبغضاء وامرنا بعدم اللجوء اليها والابتعاد عن اسبابها وايضا خلق الحسد ونهانا عنه وهكذا.
السيدات والسادة .
ويجب أن يعلم الجميع كما اسلفنا باحد موضوعاتنا باننا لسنا دعاة لدين او دعاة لعقيدة فالديانات والعقائد لها أهلها ولها دعاتها المتخصصون. ولكننا دعاة للحق وللصواب وللرشاد ودعاة لعلم من أرقي العلوم ولغاية من أنبل الغايات ولهدف من أسمي الاهداف ولأمر من أهم وأفضل الامور ولمطلب من أعز المطالب ولأمل من أنفس وأغلي الآمال للصغير قبل الكبير وللذكر قبل الانثي وللغني قبل الفقير وللاسود قبل الابيض وللطويل قبل القصير.
وكما اسلفنا أيضا في احد الموضوعات
باننا ليس لنا اي مصلحة شخصية نهائيا نبتغيها . ولا ناقة لنا في ذلك الامر ولا بعير نرتجيها
ولن نهتم له اذا عرفه العالم وعمل به واشتهر . أو اذا العالم أنكره وتم وأده ثم مات وأندثر.
السيدات والسادة.
فلننظر جيدا الي هذه الكلمات المحكمات بامعان شديد ونتفحصها جيدا لنري ما تحتويه من أحكام .
بسم الله الرحمن الرحيم
(
الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ، وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ، وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ، وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ )
وتلك الكلمات المباركة جزء من آية قرآنية لمن لا يعلمها .
( الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ،)
يريد سبحانه وتعالي القول هنا : انه طالما خلقك بشرا فقد تكفل بهدايتك . ومعني الهداية ليس كما هو مفهوم ومعلوم للجميع . انها ترتبط وتعني هداية الانسان
الي اعتناق دين من الاديان او الي عقيدة من العقائد ابدا . ولكن معناها اشمل واعم واكبر من ذلكم المعني بكثير .
فالمعني المقصود من كلمة (هداية . يهديك . يهدين . هدي .) اينما ذكرت في القرآن الكريم فهي تعني ( ارشاد . نصح . تعليم . توجيه ) الانسان الي جميع الامور النافعة والمفيدة المرتبطة والهامة بحياته والتي تضمن له اذا ما اتبعها حياة سعيدة وكريمة في الدنيا وصولا الي الهدف الاكبر وهو سعادة اللآخرة .
وهنا وبهذه المناسبة يجب أن ننوه الي قضية هامة وهي قضية العلم الذي يتغني به البشر الان وتلك الاكتشافات المعاصرة التي استطاع الانسان اكتشافها والوصول اليها ماهي الا فتات العلم وقليله ( وما أوتيتم من العلم الا قليلا ) والذي اقتضت الحكمة الالهية ان تضع في الارض وفي السماء أسبابه ومقوماته وعناصره خدمة للبشرية ورحمة بهم .( وهو الذي خلق لكم مافي الارض جميعا ثم اسنوي الي السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم )
وسخرها لخدمته . وفي ذات الوقت قد هدي الانسان وعلمه ووجهه لكيفية اكتشاف تلك العناصر والجزئيات ليستفيد منها وقتما وحيثما شاء .
هذا باختصار شديد في تلكم المسألة . او في معني كلمة ( يهدين ) وما تطرقنا الي الحديث عنها الا لورودها في مقدمة الاية المقصودة والمطلوبة لنا .
( وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ،)
السيدات والسادة .
ان الله سبحانه وتعالي لا يطعم او يسقي احدا من الناس بالمعني العام من الاية ولكن تطعمهم وتسقيهم فوانين الرزق والارزاق التي وضعها الله سبحانه في الارض
وعلى ذلك، يجب على الناس أن يأخذوا بالأسباب وبسعوا طلبا للرزق الحلال الحسن التي ارشدهم اليها ودلهم عليها في قرآنه الكريم متوكِّلين على الله غير متواكلين،
لانه في المقابل قد قال سبحانه وتعالي : ( فمن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ) اي ان من يعرض عن ارشاداتي وتوجيهاتي للحصول علي الرزق الحلال المبارك فان له معيشة ضنكا ويقتر عليه في الرزق. وكذلك في التعامل مع المرض . اذا اعرضت عن ارشادات وتعاليم الله الخاصة بتلك الجزئية فلا شقاء ابدا . وهذا قانون حاكم علي رقاب الناس جميعا مؤمنهم وكافرهم وليس المقصود بالذكر هنا التعبد او العبادة او حتي الاسلام لاننا نري من الناس من هم يدينون بديانات مختلفة ولا يعبدون الله اصلا ومع ذلك يرزقهم الله سبحانه رزقا حسنا ويعيشون في رغد من العيش وذلك لانهم يطبقون تعاليم الله وارشاداته في الكسب الحلال والرزق الحسن دون ان يعلموا عن القرآن وتعاليمه شيئا بل وصلوا اليها بالعقل والفطرة
والابتعاد عن الكسب الحرام وطرقه واساليبه والتي اوضحها وبينها لنا سبحانه في كتابه الكريم. وكذلك فهذا القانون حاكم علي العباد جميعا في جميع مجالات الحياة علي عمومها ولابد ان ينجح نجاحا باهر من يعمل باحد قوانين الله في اي مجال حياتي حتي لو كان لا يؤمن به.
ولنضرب مثلا آخر لقانون قرآني: فقد قال سبحانه وتعالي : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) فعندما اعد العرب عدتهم وعتادهم وما استطاعوا من قوة في حرب 73 انتصروا في حربهم لانهم عملوا بما امر الله وبقانون الله الذي وضعه في الارض للحصول علي النصر علي الاعداء وهذا ما تم بالفعل. وعلي الطرف الاخر سنجد ان هناك دولة قد اصبحت عظمي الان وسادت علي العالم اجمع لانها عملت واتبعت نفس القانون القرآني الذي لا تعلم عنه شيئا وكانت النتيجة ما نراها ونعلمها جميعا الان من سيادتها علي العالم .
ومن المعلوم ان الانسان لا ياكل ولا يشرب الا وهو علي قيد الحياة فالحي القيوم عنما يدعك حيا ولا يتوفاك فقد أطعمك وسقاك.
وعندما يوفر لك سبل الرزق الحلال والعمل . فقد اطعمك وسقاك . وعندما يرزقك ويوفر لك الطعام والشراب ويرشدك اليه فقد أطعمك وسقاك
ولكنه ابدا وباي حال لا يطعم احدا او يسقيه بالمعني السطحي المفهوم للبعض من الاية الكريمة .
وهكذا عملية الشفاء من المرض . كحال الغذاء والطعام والشراب . ولا يقولن احد ان الله اذا اراد لي الشفاء سأشفي . او يقولن اذا اراد الله ان يشفيني فسيشفيني .
فلننتبه جيدا جدا الي المرتبة التي وضع القرآن الكريم المرض والشفاء فيها. ولنعلم انه قد أقرنها وساواها بالطعام والشراب بمعني انه سبحانه وتعالي يعلم جيدا ان ذلكم الامر في اهمية الطعام والشراب بالنسبة للانسان . فاذا كان الحي القيوم الذي هو خالق الانسان وخالق المرض . ويعلم جيدا قدرات الانسان ويعلم كذلك قدرات المرض . ويعلم ان الانسان ضعيف وأضعف من الذبابة أمام قوة وجبروت المرض . وهناك شيء آخر أهم من ذلكم : وهو ان الله سبحانه وتعالي يحب الانسان ويكره المرض . وبالتالي فقد حذر عباده مرارا وتكرارا من الاقتراب من المرض . ولكن قد عميت الابصار واغلقت القلوب . فحق عقاب .
وبناء علي ماتقدم ومن منطلق الرحمة الالهية منقطعة النظير فقد وجب عليه سبحانه وتعالي ان يخبر عباده عن مواطن الخطر والخطورة التي قد تعرض امنهم وأمانهم وطمأنينتهم وصحتهم الي الخطر . ومن أهم ما يتعرض له الانسان في حياته من أوجه المخاطر هو المرض . وان لم يفعل ذلك فقد ظلم عباده سبحانه وناقض نفسه سبحانه وتعالي وهو الفائل : ( وما ربك بظلام للعبيد ) والقائل ايضا ( ان الله لا يظلم مثقال ذرة ).
فماذا يريد الحي القيوم اخبارنا به واعلامنا عنه بهذا التركيب اللغوي والعبقري المعجز ؟
أولا : ومن منطلق التبسيط في الشرح والتحليل للعلوم والايجاز الي اقصي درجة والذي هو سياستنا حتي يفهمنا القاصي والداني ومختلف المستويات من العقول .
فيمكننا القول بكل بساطة :
ان الحي القيوم طالما خلقك فعليه ارشادك وتعليمك وتوجيهك الي افضل السبل والطرق التي تضمن لك حيات كريمة خالية من المنغصات بانواعها واشكالها المختلفة التي تعكر عليك صفو حياتك .
وان الحي القيوم يريد ان يخبرنا بانه يعلم جيدا جدا اننا في حاجة الي الشفاء من المرض كحاجتنا الي الطعام والشراب .
وانه طالما خلقك فلابد ان يوفر لك سبل وطرق رزقك واطعامك وشرابك وتحمل مسئولية ذلك علي عاتقه .
وبالتالي فقد تكفل ايضا بأن يخبرنا عن مواطن الخطر والضرر والمرض حتي نبتعد عنها
ومن يظلم من البشر ويقع في المرض عدوانا وظلما فقد تكفلت الرحمة الالهية بتوجيهه وارشاده الي طريق الشفاء .
( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ) السيدات والسادة الكرام .
أرجوا الانتباه فليلا .
قلنا : انه طالما خلقك الله وسواك فقد كتب علي نفسه اولا الرحمة بك ( كتب ربكم علي نفسه الرحمة )
وتتجلي رحمته سبحانه وتعالي واضحة جلية في ارشادك وتوجيهك الي سيل المنافع والفوائد التي تتعلق بك وبحياتك .
وقد اختص الله سبحانه وتعالي الامران المهمان المتعلقان بحياة الانسان هنا بالذكر .ألا وهما:
الطعام والشراب . والمرض والشفاء .لما لهما من أهمية تظمي في حياة الانسان . أما بقية امور الحياة ومتعلقاتها فقد نثرها ورودا
وازهارا في جنبات القرآن الكريم وصفحاته .
وعندما جاء ذكر النصح والارشاد والتوجيه قال سبحانه ( فهو يهدين ) .
وفي الحقيقة فان هذا القانون الالهي يريد القول : اذا جاءك النصح والارشاد والتوجيه في اي امر من امور حياتك من اي انسان
ويكون مخالف لنصح وتوجيهات وارشاد الله فلا تطيعه باي حال من الاحوال . وان اطعته فانت اذن في الخسران المبين .
وعندما جاء ذكر الطعام والشراب قال سبحانه وتعالي ( الذي هو يطعمني ويسقين .
فهل معني الاطعام انه سبحانه يضع لنا الطعام في افواهنا ؟
أم انه يجب أن نفهم ان المعني في هذا القول الكريم أنه سبحانه من يوفر لنا الرزق واسبابه ومطلوب منا السعي فقط اليه تبعا لتلك الاسباب .؟
وعندما جاء ذكر المرض قال سبحانه ( واذا ) ( مرضت فهو يشفين )
وكلمة ( اذا ) التي تسبق ( مرضت ) هنا تخبرنا وتؤكد لنا بان المرض حالة استثنائية وثانوية في حياة البشرية والانسانية . وبالتالي فان الانسان ليس من المفروض ان يمرص نهائيا وان المرض ليس فرضا علي الانسان . ولكنه حالة ثانوية تصيب الانسان اذا ما سلك اليها سبيلا وعمل باسبابها .وهذا قانون قد وضعه الله سبحانه وتعالي في الارض حاكم علي رقاب البشر .
لان المرض لو هو اساس من أساسيات الحياة وركن من اركانها الرئيسية وقد فرضه الله علي عباده .
لكان اولي ان يقول رب العزة بدلا من :
( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ) لقال : والَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ، والذي هو يمرضني ويشفين .فهو سبحانه يريد القول : اعلم ايها الانسان انك اذا تعرضت لاسباب المرض واصابك المرض فانك لن تشفي الا باتباع ارشاداتي وتوجيهاتي .
كما ارشدك واوجهك الي وسائل واسباب الطعام والشراب .
وبالتالي فان الله لا يمرض أحدا ولا يشفي احدا من الناس بل يمرض الانسان ويشفي تبعا لقوانين المرض وقوانين الشفاء التي وضعها الله سبحانه في الارض وارشدنا اليها في قرآنه الكريم بل وضرب لنا امثلة عليها ايضا
ويجب على الناس أن يأخذوا بالأسباب ويسعوا طلبا للشفاء تبعا لما ارشدهم الله اليه وبالفلسفة التي ارشدهم اليها ودلهم عليها في قرآنه الكريم متوكِّلين على الله أيضا وغير متواكلين، لانك لو سلكت مسلكا للشفاء يكون مخالف للمسلك الذي ارشدك الله اليه فلا شفاء ابدا باي حال من الاحوال .
السيدات والسادة .
فيجب علي الانسان وحتي يقي نفسه من هذا الضرر وذلكم العذاب فانه لا يكون ابدا ولن يكون الا باتباع تعاليم الله وارشاداته وتوجيهاته هو فقط ايضا في كيفية الشفاء وتنفيذها والعمل بها. ولا ينتظر انسان ابدا من الله سبحانه ان يامر المرض بالابتعاد عنه او شفاؤه مما يعاني بل عليه ان يتخذ اسباب الشفاء الصحيحة والتي اخبره عنها مولاه وخالقه كما يتخذ اسباب الرزق الطيب والحلال والتي اخبره ايضا بها ربه ومولاه وخالقه تماما
وتنفيذ قوانين الله واوامره وارشاداته للحصول علي هذا الشفاء. لذلك قال سبحانه ( واذا مرضت فهو يشفين ) اي انك لن تجد الشفاء الحقيقي
الا باتباع ارشاداته العلاجية التي ذكرها صراحة في قرآنه الكريم لانه هم الاعلم بالمرض وجذوره واصوله والاعلم ايضا بماهية الشفاء واركانه.
ونكرر بان الله سبحانه وتعالي قد وضع في الكون قوانينا حاكمة علي السموات والارض وما بينهما من جميع المخلوقات ومن بينها الانسان
فلا ينتظر احدا مهما كان تقيا او ورعا ان بأمر الله المرض بالابتعاد عنه او يامر بشفاؤه ولو كان الامر كذلك .
لامر المرض بالبتعاد عن محمد بي عبد الله الرسول الكريم ومن قبله أيوب عليه السلام .
ولكن كان الامر لايوب عليه السلام بتنفيذ التوجيه والارشاد الالهي واتخاذ الاسباب المادية المضادة للمرض لكي يحصل علي الشفاء.
وكلامنا في هذه الجزئية علي الخصوص موجه للسادة العلماء في الطب والقائمين عليه واولي الامر فيه وغير موجه نهائيا للانسان العادي.
لان الانسان العادي منا لا يملك قدرات عقلية ولا فكرية ولا ثقافية ولا علمية تمكنه من البحث والتنقيب في جنبات وغرف ودهاليز القرآن الكريم لاستخلاص واستنباط احكامه وقوانينه . واذا كان رجلا صاحب فكر أوعلم وثقافه واستطاع ترجمة بعضا من المعاني السامية للقرآن فانه لن يطبق ما وصل اليه من علم وقوانين الا علي نفسه فقط .
ولكن الامر لو امتد الي السادة سالفي الذكر اعلاه من اولي الامر والمعنيين الطبيين علي مستوي العالم ذوي المراكز الفاعلة في هذا الشأن.
فان الامر بالتأكيد سيختلف اختلافا كبيرا . اذ عن طريقهم بعد قيامهم بعمل ما يلزم حتي يمكن تطبيق تلك الاحكام والقوانين عمليا فعن طريقهم فقط سيستفيد العالم اجمع من تلك القوانين والاحكام .أما غير ذلك فلا اعتقد ابدا ان تلك العلوم والقوانين والاحكام ستقوم لها قائمة وسيتم وأدها وقتلها في وضح النهار وعلي مسمع ومرئي من العالم أجمع . ولن يحرك أحد ساكنا . وماذا سيفعلون ؟ فالعالم كله قد وضع ثقته فيهم وترك أمره بيد السادة العلماء. فليفعلوا ما يريدون .ولن يسألوا للاسف عما يفعلون .
السيدات والسادة الكرام .
( فمن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا )
وضنك الحياة وشقاؤها لا يكون بالفقر والجوع فقط بل في فقد الصحة والاصابة بالمرض وآلامه وعذابه فانه يحول الحياة الي عذاب وشقاء ايضا . وكذلك من يعرض عن ارشاداته وتوجيهاته بالنسبة للشفاء كذلك فان له معيشة ضنكا وعذاب وشقاء الي ان يفيق من غفوته ويعود اليه رشده وصوابه . وكذلك في جميع مجالات الحياة ولابد ان ينجح نجاحا باهر من يعمل باحد قوانين الله وبارشاداته وتعاليمه حتي لو كان لا يؤمن بها.
وهكذا في الشفاء من المرض فقد وضع لنا قوانين المرض وقوانين الشفاء وانزلها في كتابه لكي تكون لنا منهجا نعمل بمقتضاه لكي نصل الي افضل النتائج الشفائية في اسرع وقت وبلا ادني مشقة وباقل التكاليف .
وسنتناول تلك الايات والقوانين المعنية بهذا الامر في موضوع لاحق باذن الله تعالي .
وللموضوع بقية .
السيدات والسادة الكرام
مع شكري وتقديري
الادارة .