البهاق هو مرض جلدي شائع ومزمن يصيب جميع الأجناس ذكورا وإناثا صغارا وكبارا كما انه يظهر في جميع الأعمار وبالذات في مرحلة ما قبل سن الثلاثين ويعرف تحديدا بأنه عملية زوال للون البشرة الطبيعي على شكل بقع لونيه واضحة في الجلد ينتج عن خلل صبغي يسبب تحطم وزوال
الخلايا القتامينيه التي تنتج صبغة الميلانيين وهي المادة المسئولة عن لون الجلد والشعر.
لقد عرف البهاق من آلاف السنيين وتشير الوثائق التاريخية إلى حوادث الإصابة فيه منذ 2500
قبل الميلاد وهو مرض يعتقد انه من الأمراض الخاصة بالجهاز المناعي للجسم لكنه مرض غير معدي وليس ضارا بالصحة إلا ما يتعلق بالصحة النفسية .
من المهم عند الحديث عن البهاق معرفة ان هناك انواع مختلفة ممكن ان يظهر فيها البهاق
وليست هناك فقط صوره واحده منه كما من الجيد الإجابة عن تساؤلات الكثيرين ممن يعانون
من البهاق او ممن يهمهم الامر بخصوص اسباب البهاق وهو سؤال محوري ومتوقع لمرض مزمن
ومزعج للمريض ولمن يخالطونه .
ما هي أنواع البهاق؟
ينقسم البهاق إلى أنواع متعددة حسب أماكن تواجده وطريقة انتشاره وكل نوع من الأنواع ينعكس على طريقة معالجته ومستوى استجابته للعلاج
إن البهاق يتنوع ليشمل الأنواع الأتية :
1-البهاق المنتشر:
وهو أكثر الأنواع انتشارا وفيه تظهر بقع البهاق وتنتشر تدريجياً وتتوسع فيه البقع لتشمل مساحات كبيرة من الجسم قد تصل إلى كامل الجسم في بعض الأحيان ، ويحصل عند بعض الأشخاص ابيضاض للشعر والرموش والحواجب واللحية .
2-البهاق الثابت أو المستقر:
وهو الذي يبدأ ثم ينتشر في أجزاء معينة ثم يتوقف عن الانتشار ويستقر بحيث لا تزيد المساحات المصابة بعد التوقف ويستمر هذا التوقف لمدة لا تقل عن سنه.
3-البهاق المتراجع:
وهو الذي يبدأ وينتشر ثم يتراجع تدريجياً وتبدأ الصبغة في الظهور مرة أحرى في الأماكن التي أصيبت بالبهاق.
4- البهاق القطعي:
تظهر بقع البهاق في جهة واحده من الجسم وفي نمط متوافق مع توزيع الأعصاب الطرفية ويكون محدود في الغالب وتعتبر منطقة الوجه من اكثر المناطق اصابه بهذا النوع من البهاق الى درجة ان الباحثين وضعوا ستة اقسام لهذا النوع من البهاق عندما يصيب منطقة الوجه
البهاق القطعي له مساوئه و ايجابياته فمن ابرز سلبياته هو انه بطي الاستجابة في العلاج إلا انه يتميز بثبات المكان ومن أفضل الأنواع استجابة لزراعة الخلايا الصبغية
5- البهاق الطرفي:
تكون الإصابة في هذاالنوع مقتصرة على الأطراف والشفاه والأعضاء التناسلية فقط و يعتبر هذا النوع من اصعب انواع البهاق وابطئها استجابه للعلاج .
6- البهاق البقعي أو البؤري:
في هذا النوع يكون البهاق محدود في منطقه واحدة أو عدة مناطق قليلة من الجسم .
اسباب البهاق
كانت ولا زالت الأسباب الحقيقية للبهاق مجهولة وغير واضحة وذلك رغم البحوث والدراسات الواسعة التي أجريت في هذا المجال ولا زالت قائمه إلى هذا اليوم وكل ما هو متوفر حول أسباب البهاق هو مجرد نظريات لا أكثر وان كان بعضها تدعمه ملاحظات كثيرة وعلى أية حال فإن العديد من الأطباء والباحثين يعتقدون بوجود استعداد و قابلية جينية لحدوث البهاق في غالبية الأشخاص المصابين ، ومن ابرز النظريات حول سبب حدوث البهاق ما يلي :
1- النظرية المناعية:
تقوم فكرة هذه النظرية على أن البهاق مشكله مناعية مرتبطة بخلل بجهاز مناعة الشخص حيث يحدث تفاعل مناعي ذاتي يؤدي إلى تعرف الجسم على الخلايا الصبغية للشخص على أنها خلايا غريبة عن الجسم، فيتعامل معها ويدمرها .
مما يدعم ربط البهاق بالخلل المناعي الذاتي هو ووجود أجسام مضادة للخلايا الصبغية في أجسام بعض المرضى ولكن لم يعرف بعد هل هذه الأجسام المضادة هي السبب في تكسر الخلايا المناعية فيها أم هي ناجمة عن تكسرها ومما يزيد من قوة هذه النظرية أيضا هو استجابة البهاق عند استعمال الكورتيزون الذي يثبط المناعة ويضعفها .
ومما يدعم هذه النظرية أيضا ترافق إصابة البهاق مع بعض الأمراض المناعية حيث أن نسبة الإصابة بالبهاق عالية بين الأشخاص الذين يعانون من أمراض مناعية مثل الثعلبة ، أمراض الغدة الدرقية خاصة فرط النشاط المناعي ، مرض أديسون الذي يحدث نتيجة قصور الغدة الكظرية وأنواع من الأنيميا المناعية خاصة فقر الدم الخبيث الذي يحصل نتيجة فشل الجسم في امتصاص فيتامين ب12لكن منة المهم رغم كل هذا معرفة أن أكثر المصابين بالبهاق لا يعانون من هذه الأمراض .
2- النظرية العصبية:
هذه النظرية تقوم على فرضية حدوث خلل في وظيفة الخلايا الصبغية نتيجة لخلل في الأعصاب المغذية لها أو أن الأعصاب الطرفية في الجلد تفرز مركبات تؤدي إلى إيقاف بناء المواد الملونة للجلد. إن الضغط العصبي يؤدي إلى تكسّر مضادات التأكسد في الجلد، الأمر الذي يترك الخلايا الصبغية أمام مواد كيماوية سامة لها .
يدعم هذه النظرية وجود ارتباط بين بداية البهاق والتعرض لازمه نفسيه أو صدمه عصبيه
3- النظرية التدميرية (نظرية الهدم الذاتي) :
وفيها يتم تدمير الخلايا الصبغية لنفسها حيث تهدم الخلايا المكونة للمواد الملونة للجلد نفسها ذاتيا؛ نتيجة لنقص في طريقة الحماية الطبيعية التي تزيل المادة السامة التي تتكون أثناء بناء المواد الملونة ويعتقد في هذا الجانب أن عدد من حالات البهاق مرتبطة بنقص إنزيم كاتاليزcatalase مما دعا إلى استخدام مركب يشبه الكاتاليز في علاج البهاق مثل سودوكاتاليزpseudocatalase.
يدعم هذه النظرية حدوث حالات البهاق مع بعض مشاكل الكبد أو التعرض للتلوث المناخي وبعض المواد الكيميائية الصناعية
4- النظرية الوراثية :
تقوم هذه النظريه على فكرة ان البهاق يحدث نتيجة خلل في الجينات الوراثية للمريض والاحتمالات التي وضعت لهذه الوراثة هو أن تكون نتيجة جين سائد في أحد الوالدين أو متعدد الجينات ويدعم هذه النظرية كون حوالي 30-40% من حالات البهاق يترافق معها حالات مشابهة في تاريخ الأسرة .
وهنا لابد من ملاحظة ان الجينات المتنحية فقط هي التي قد تكون مسئوله عن العامل الوراثي وهي جينات قد تظهر بزواج الأقارب وعندما نتكلم عن دور الوراثه البهاق فمن المهم معرفة ان وجود البهاق عند الزوج أو الزوجة لا يعني بالضروره ان يظهر المرض في الأبناء فنسبة الإصابات التي تعزى للتأثير الوراثي قليلة نسبيا .
واخير من الصعب تحديد أي هذه النظريات هو الأقرب للصحة وقد يكون هناك تداخل بين كل هذه النظريات حيث إن اجتماع عناصر هامة مثل العناصر المناعية والوراثية والعصبية، قد يكون هو السبب الأقرب لحدوث البهاق.
د. عبد الله المسعود
استشاري طب وجراحة الجلد والليزر** عضو الجمعية الاوربية للامراض الجلدية والتناسلية