«متلازمة بهجت».. أعراض واضحة وأسباب مجهولة
من أمراض المناعة الذاتية وتنتشر أكثر في الشرقين الأوسط والأقصى
الرياض: د. عبير مبارك
سمي مرض «متلازمة بهجت» Behcet"s syndrome، بهذا الاسم تخليداً لاسم مكتشفه الطبيب التركي بهجت الهلوسي الذي اكتشف المرض ووصف أعراضه عام 1937. وينتشر هذا المرض في دول الشرقين الأوسط والأقصى، ويصيب الرجال أكثر من النساء، أما في دول العالم الأخرى فهو أقل انتشاراً ويصيب النساء بنسبة أكبر من الرجال.
يعد مرض بهجت أحد أمراض المناعة الذاتية المزمنة والتي يقوم جهاز المناعة فيها بمهاجمة أنسجة الجسم عن طريق إنتاج أجسام مضادة لمكونات معينة لنوى الخلايا، والتي ترافق صاحبه مدى الحياة. وقد يصيب الإنسان في أي مرحلة من مراحل العمر، لكن في اغلب الأحيان تبدأ أعراض المرض في الظهور بين سن العشرين والثلاثين.
يتميز هذا المرض بظهور أعراضه على شكل نوبات، التي تظهر فيها الأعراض بصورة حادة أو خفيفة، تعقبها حالة من الكمون أو السكون. وعلى التوالي تتعاقب تلك النوبات باستمرار طوال فترة المرض بين ظهور الأعراض واختفائها على فترات زمنية قد تكون طويلة لدى بعض المرضى أو قصيرة كما يحدث لدى البعض الآخر.
يصيب هذا المرض الأوعية الدموية من شرايين وأوردة، كذلك قد يصيب شبكية العين، الدماغ، المفاصل، والأمعاء.
أعراض المرض الرئيسية
* يشخص مرض بهجت بالشكوى من ثلاثة أعراض في آن واحد، أو في أوقات مختلفة. أهم هذه الأعراض والذي يعتبر العلامة الأساسية لتشخيص المرض وعادة ما يحدث لدى كل المصابين بالمرض أو 98% من المرضى، هو ظهور تقرحات متكررة بالفم، والتي غالبا ما تكون مؤلمة ومزعجة للمريض وغير فيروسية الأصل، وتخلف اثاراً بعد شفائها، بالإضافة إلى أحد الأعراض التالية:
ـ تقرحات في الأعضاء التناسلية مشابهة لتقرحات الفم.
ـ إصابات العين: التهاب في أوعية الشبكية أو التهاب العنبة الأمامي أو الخلفي للعين، أو التهاب الهدب وغيرها. وتصيب 70 إلى 85% من المرضى.
ـ التهابات وطفح في الجلد.
يكفي لتأكيد تشخيص الإصابة بالمرض ظهور عرضين من الأعراض السابقة بالإضافة إلى تقرحات الفم.
أعراض أخرى
* وهناك العديد من الأعراض الأخرى التي تنجم عن إصابة أعضاء الجسم الأخرى والتي قد تساهم في تأكيد تشخيص المرض، لكن ليس بالضرورة أن تظهر جميعها لدى مريض بهجت، منها:
ـ التهابات وجلطات الأوردة تحت الجلد وانسداد الأوعية الدموية.
ـ صعوبة الحركة والكلام أو ضعف الذاكرة والصداع الشديد أو التهاب السحايا، أو اضطرابات سمعية وبصرية واضطرابات نفسية واكتئاب. وكلها أعراض تأثر الجهاز العصبي المركزي بالمرض.
ـ التهابات المفاصل، وتصيب 50% من المرضى وعادة ما تصيب المفاصل الكبيرة وقد تؤدي إلى عدم القدرة على الحركة.
ـ الجهاز الهضمي: إسهال وآلام في البطن أو مغص وتقرحات في المعدة والأمعاء.
ـ القلب والأوعية الدموية: التهاب غشاء التامور أو احتشاء عضلة القلب، تخثر أوردة وشرايين القلب، أو اضطرابات في كهرباء القلب قد تظهر على شكل تباطؤ أو تسارع في نبضات القلب.
ـ الجهاز التنفسي: قد تصاب الرئتان والحويصلات الهوائية بالتهابات أو تقرحات في القصبات الهوائية والغشاء الرغامي.
ـ وقد تحدث التهابات في الكلى مما يؤثر في عملها بشكل طبيعي.وبشكل عام قد يصاب المريض بالتعب في جميع أنحاء الجسم والإرهاق بعد بذل مجهود أقل من المعتاد والهزال. أسباب مجهولة
* لم يتم حتى الآن تحديد أو معرفة السبب الرئيسي لمرض بهجت، لكن هناك اعتقادا أن بعض الفيروسات ( HSV1,HSV6) قد تؤدي إلى ظهور المرض لدى الأشخاص الذين يحملون الصفات الوراثية لهذا المرض. كما لوحظ ترافق ظهور هذا المرض لدى الأشخاص الذين يحملون( HLA.B51).
وحتى هذه اللحظة لا يوجد شفاء كامل من هذا المرض، والعقاقير الطبية المستخدمة هي من أجل السيطرة على الأعراض، وعدم تفاقم المرض ومن أجل منع تطور هذه الأعراض والوقاية من مضاعفات المرض الخطيرة، كفقدان البصر، وفقدان القدرة على الحركة.
علاج الأعراض
* معظم أعراض مرض بهجت تحدث بسبب الالتهاب، لذلك يكون هدف العلاج التقليل من الالتهابات وعلاج أعراض المرض. وفي بعض الحالات يشخص المرض وهو في أوج نشاطه، وهنا يحتاج الطبيب إلى استخدام كمية كبيرة من الأدوية للسيطرة على المرض ومنع تلف الأعضاء، وفي معظم الحالات يكون العلاج ناجحاً وتتم السيطرة على المرض الذي يبدأ نشاطه في التراجع ويتم سحب الأدوية تدريجياً حتى يحتاج المريض إلى جرعات قليلة أو قد يتم الاستغناء عن العلاج تماماً. ويساهم تناول العلاج بانتظام مع التزام الراحة التامة والقيام ببعض التمارين الرياضية تحت إشراف طبي، في بلوغ الهدف من العلاج.
أنواع العلاج
* وينقسم العلاج المستخدم إلى نوعين: النوع الأول وهو العلاج الموضعي، الذي تستخدم فيه الكريمات والدهانات والغسول للتخفيف من آلام تقرحات الفم والأعضاء التناسلية. وعادة ما تحتوي هذه، على نسبة من الكورتيزون لتخفيف الالتهاب، والمخدر الموضعي لتخفيف الألم.
والنوع الثاني هو العلاج بالعقاقير الطبية والتي تعمل على تخفيف الالتهاب والآلام، وتثبيط المناعة، وتخفيف الأعراض.
1. الستيرويد (الكورتيزون): والذي يعتبر العلاج الأساسي للنوبات الحادة من مرض بهجت، لتقليل الالتهاب والحد من نشاط الجهاز المناعي. وقد تتراوح فترة استخدام هذا العقار ما بين أسابيع وشهور، ويشعر المريض بتحسن كبير في خلال أيام من بداية العلاج بالستيرويد ويتم تقليل جرعة العقار تدريجياً بعد السيطرة على نوبة المرض. ويجب تنبيه المريض إلى عدم وقف تناول الدواء فجأة لما لذلك من مخاطر كبيرة على الجسم، وكذلك على المريض مراجعة الطبيب، إذا ما لاحظ حصول أي أعراض جديدة قد تكون مضاعفات لهذه الأدوية.
2. مثبطات المناعة الذاتية: التي تعمل بطريقة مختلفة عن الكورتيزون ، إذ أنها تعمل على تثبيط الجهاز المناعي وتقليل نشاطه، وغالبا ما يلجأ لها الأطباء إذا ما تأثرت العين أو الجهاز العصبي المركزي عند المريض من مضاعفات المرض، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الأزوثيوبرين، والسيكلوسبورين، سيكلوفوسفاميد.
أساليب العناية الذاتية
* وعادة ما ينصح باتباع وسائل العناية الذاتية للإقلال من نوبات نشاط المرض، فتقليل التوتر والموازنة بين الراحة والمجهود وتناول الطعام الصحي والدعم العائلي يساعد كثيراً على مواجهة المرض، وفي أغلب الحالات تتم السيطرة المطلقة على نوبات المرض بالأدوية والراحة والتمارين الرياضية ويعود المريض لممارسة حياته بصورة طبيعية وعادية جداً، شرط اقتناعه وتفهمه لطبيعة المرض وضرورة التعايش معه، والمواظبة على تناول العلاج والالتزام بمتابعة الطبيب. وغالبا ما تتم السيطرة على الأعراض، ويمنع تفاقمها بعد فترة من بدء العلاج قد تتراوح بين سنة إلى سنتين. وتخف حدة الأعراض بعد ذلك بشكل ملحوظ. وقد تمتد فترة سكون المرض إلى فترات طويلة.
منقوول