نظريات الحجامة
الراجح الآن ثلاث نظريات لتفسير ما يحدث أثناء الحجامة وكيفية الشفاء التي تحدثه هذه العملية البسيطة . ولكل نظرية تفسيرها الخاص بها ودراسات عميقة عليها .
نظرية الارتواء الدموي
تعتمد هذه النظرية على مبدأ الدم المحجوم... فعندما حلّل هذا الدم وجد به الكثير من الشوارد الضارة (الأخلاط ) . وكذلك وجد أن جميع خلايا الدم الحمراء التي كانت في الدم المحجوم هرمة وغير طبيعية الشكل , ونسبة الهيموجلوبين كانت أقل من الدم الوريدي بنسبة الثلث إلي العشر وعلية فان دم الجسم قد تخلص من جزء كبير من هذه السموم التي كانت عالقة به ليصبح أداؤه في حمل الأوكسجين أكبر وكذلك توزيع الغذاء فيه أكفأ . فعملية إزالة الدم المحتقن من موضع الحجامة أو ما يسما بالفاسد مجازا ( علما انه لا يوجد دم فاسد داخل الجسم بصورة فعلية ) يعطي الجسم المقدرة على تقوية الأعضاء الداخلية المعتلة بمدها بالغذاء وأسباب الحياة , وبذلك يعود نشاط هذه الأعضاء إلى طبيعتها وتصبح أقدر على مقاومة المرض .
فالدم كالنهر الجاري إذا نظف ماؤه وأزيل ما فيه من شوائب دبت فيه الحياة وعاد إلي نقائه من جديد . والأمر أقرب إلي تفسير الأطباء الأولين لقضية الأخلاط التي تفور في الدم في الجزء الأول في الشهر الهجري حسب حركة القمر ( يرتفع معدل الجريمة عالميا في 13-14-15 من الشهر القمري ) ثم تعود هذه الأخلاط أو الشوارد للترسب ثانيتا في الأيام التي تلي اكتمال البدر , وفي جسم الإنسان أكثر هذه الأماكن جذبا لهذه الترسبات هو الكاهل وهو أعلى نقطة على الظهر لبطؤ حركة الدم في هذا الموضع . كثرة الشعيرات الدموية أضافه لعدو وجود مفاصل متحركة تزيد من حركه الدوم.
وهيجان الدم أو تبيغ الدم : أي إذا ظهرت حمرة في البدن وشعور بالصداع والخمول أو الدوار و الانفعال الزائد أو حدوث اضطرابات بصرية أو زيادة في الألم ككل . فبعض ذلك أو كل هذه الأعراض تستدعي إجراء الحجامة .
وأفضل وقت لسحب الدم هو وقت ترسب هذه الأخلاط أو الشوارد وهذا الوقت يتسنى بعد النوم وفي ساعات الصباح الأولى. لذلك قيل ( الحجامة على الريق دواء ) . ومن السنه النبوية الشريفة أن تجرى الحجامة في الأيام الفردية دون الزوجية حيث ثبت أن الدم المسحوب في هذه الأيام الفردية له خصائص دم الحجامة أما ذلك المسحوب في الأيام الزوجية فليس له خصائص معينة بل هو دم وريدي عادي كما اثبت ذلك الفحوص المخبر يه وما زالت هذه المفارقة بحاجة إلي دراسة وفهم لإثباتها من ناحية وكشف سرها من ناحية أخرى .وأكثر من بحث في هذا المجال لهذه النظرية هو العالم الياباني kakurciha استدل على حقيقة واحدة استنتجها بعد أن ركز أبحاثه على الحجامة وهي أن الشوائب في الدم هي السبب في إصابتنا بالأمراض المختلفة .
وحديثا قام فريق طبي سوري مكون من حوالي عشرين طبيباً واختصاصياً بعمل دراسة مخبرية وسريرية في عام 2000م على 330شخصاً وكذلك في عام 2001م على 300 حالة فتلخصت معظم النتائج فيما يلي:
- اعتدال الضغط والنبض إذ اصبح طبيعياً بعد الحجامة بكل الحالات ففي حالات ارتفاع الضغط انخفض الضغط إلى الحدود الطبيعية وفي حالة انخفاض الضغط ارتفع إلى الحدود الطبيعية.
- ارتفاع عدد الكريات البيض في 60% من الحالات وضمن الحدود الطبيعية.
- انخفضت نسبة السكر بالدم عند 83.75% من الحالات وباقي الحالات بقيت ضمن الحدود الطبيعية.
- انخفضت نسبة السكر بالدم عند الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري في 92.5% من الحالات.
- انخفضت كمية الكرياتينين في الدم 66.66% من الحالات.
- ارتفاع كمية الكرياتينين في دم الحجامة بكل الحالات.أي أن الدم المحجوم كان به الكثير من الشوارد.
- انخفضت كمية الكرياتينين بالدم عند المصابين بارتفاعه بنسبة 78.57% من الحالات.
- انخفضت كمية حمض البول بالدم في 66.66% من الحالات.
- انخفضت كمية حمض البول بالدم عند المصابين بارتفاعه بنسبة 73.68% من الحالات.
- انخفضت نسبة الكوليسترول بالدم في 81.9% من الحالات.
- انخفضت نسبة الشحوم الثلاثية عند المصابين بارتفاعها بنسبة 75% من الحالات.
- كان تعداد الكريات البيض في دم الحجامة أقل من عشر كميته في الدم الوريدي، وهذا يدل على أن الحجامة تحافظ على عناصر المناعة في الجسم.
- كانت أشكال الكريات الحمر في دم الحجامة من منطقة الكاهل كلها شاذة وغير طبيعية.
- ارتفاع مستوى الحديد وضمن الحدود الطبيعية في 66% من الحالات بعد عملية الحجامة.
- السعة الرابطة للحديد في دم الحجامة مرتفعة جداً إذ تراوحت ما بين 422 _ - 1057بينما هي في الدم الوريدي ما بين 250- 400، وهذا يدل على أن هنالك آلية تمنع خروج الحديد من شقوق الحجامة وتبقيه داخل الجسم ليساهم في بناء خلايا جديدة.
تبيغ الدم :
في حديث الرسول عليه السلام ذكر تبيغ الدم بأنه قاتل ومعنا ذلك هو تهيجه وزيادة نفوره لزيادة الأخلاط فيه وهذه الأخلاط تعرف في الطب البديل بالشوائب السالبة داخل الدم التي تعيق من جريانه داخل الجسم ومن أعراض هذا التبيغ هو احتقان في الوجه وباطن جفن العين بالإضافة للشفتين .
كما انه مرتبط بكثرة كريات الدم الحمراء الهرمة داخل الدم الفتيّ المعافى .ومن أعراض تبيغ الدم الصداع , الدوار (الدوخة) ,سرعة الغضب (نرفزة), كما قد يحدث شعور بثقل الرأس واضطراب في البصر وفي نظري إن التبيغ هو احتقان الدم في مناطق الحجامة مم يؤثر (كرد فعل انعكاسي) على الأعضاء الداخلية مما يسبب المرض والاعتلال في الصحة . وحديثا أمكن معرفة مناطق الاحتقان بوساطة أجهزة حساسة تعتمد على قراءة مقاومة الجلد للكهرباء وتحديد كهرو مغناطيسية الجلد ويحدد الكمبيوتر نوع الحجامة إن كانة جافة أو رطبة وكيفية الحجامة ( دائرية أو طولية ) .
وكتب محمد سعيد من مؤسسة أبحاث الحجامة الإيرانية { قد يتنطع جاهل أو مغرض ليقول أليس التبرع بالدم ما يماثل الحجامة التي أوصى الرسول علية السلام بها ؟ وللرد على مثل هؤلاء نقول :-
1- لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نصرف حديث الرسول عليه السلام إلى غير ما يقصد به ، فالتبرع بالدم ومع أنه محمود في حد ذاته كعمل إنساني فانه لا يشابه الحجامة في أي وجه من الوجوه .
2- إن التبرع بالدم أشبه ما يكون بعملية ألفصد والتي كانت معروفة في أيام رسول الله عليه السلام وقد مارسها الصحابة رضي الله عنهم ولها آدابها وشروطها الخاصة بها ولا ترتقي بأي حال من الأحوال إلى عملية الحجامة .
3- إن عملية التبرع بالدم لا تؤدي الفوائد الوقائية والعلاجية للحجامة بل قد يكون الأمر عكس ذلك في بعض الأحيان }.
نظرية رد الفعل الانعكاسي
وتقوم هذه النظرية على الربط ما بين موضع الحجامة على الجلد والعضو المراد حثه على الشفاء , وهذه النظرية تعزى إلي تطور الجنين من طبقاته المختلفة حيث نجد الربط بين خلق الجلد من طبقة والعضو المراد علاجه من نفس هذه الطبقة , بعملية رد فعل تسمى (رد الفعل الانعكاسي). وبتفسير آخر لهذه النظرية أن المنطقة المحجومة لها تأثير غير مباشر على الأعضاء التي يغذيها نفس العصب الذي يعطي الإحساس لتلك المنطقة من الجلد أو المشترك بنفس الجملة العصبيه و مثال ذلك الحجامة على الكاهل تشفي ألم المعدة والمرارة والحجامة على أسفل الظهر للشفاء من عرق النسا ونورد قولا للأستاذ الدكتور محمد كمال عبد العزيز أستاذ بكلية الطب ـ جامعة الأزهر ـ القاهرة (أن الأحشاء الداخلية تشترك مع أجزاء معينة من جلد الإنسان في مكان دخول الأعصاب المغذية لها في النخاع الشوكي أو النخاع المستطيل أو في المخ المتوسط. وبمقتضى هذا الاشتراك فإن أي تنبيه للجلد في منطقة ما من الجسم يؤثر على الأحشاء الداخلية المقابلة لهذا الجزء من الجلد.
والحجامة وسيلة من وسائل علاج الألم القائمة على القاعدة التي يطبِّقها كلٌّ منها تلقائياً عندما يشعر بألم (حكة) في أي جزء من جلده، فإنه يقوم بتدليك (هرش) المكان فلا يشعر بالألم بعد ذلك.
وتعليل ذلك يقوم على النظرية العلمية للعالم الفيزيولوجي (بافلوف) والتي تسمى التثبيط الواقعي للجهاز العصبي:
فعندما يصل التنبيه إلى المخ عن طريق الأعصاب فإن المخ يترجم هذا التنبيه حسب مصدره ونوعه، أي يحدد نوع التنبيه، ألماً كان أو لمساً، حرارة أو برودة، ولكن إذا وصل عدد التنبيهات التي تصل إلى المخ في وقت واحد إلى عدد كبير، فإن المخ لا يستطيع التمييز بينهم، وعندئذ يتوقف عن العمل, فيلغي الشعور من المنطقة التي زاد فيها عدد التنبيهات. وفي حالة الحجامة تخرج التنبيهات من نهاية الأعصاب في المنطقة المحتجمة بأعداد كبيرة فيقوم المخ بإلغاء الشعور من المنطقة ويزول الألم . وهذه النظرية مطبقه على كثير من أجهزة العلاج الطبيعي وان أول من نشرها وجرى البحوث عليها العالم( ملزاك (
نظرية الطب الصيني :- هذه النظرية تعتمد على التوازن ما بين السالب والموجب ( الين واليانج ) وهي مماثلة لنظرية الأمزجة القديمة ولتبسيط نظرية الطب الصيني نقول أن جسم الإنسان مكون من أعضاء وهذه الأعضاء يتحكم بها ين ويانج إذا بغى أحدهما على الآخر أو ضعف أحدهما يحدث الاضطراب في عمل العضو ويحدث عندها المرض .
فإذا أردنا شفاء المرض وجب علينا أعادت التوازن ما بين الين واليانج ويتأت ذلك عن طريق التحكم في مسارات الطاقة التي على الجلد فالحجامة بمواضعها المختلفة هي في الواقع نقط الوخز بالإبر الصينية والتي تنقسم إلى ثلاث مسميات هي :-
-النقاط النظامية وهي المناطق التي تقع على خطوط الطاقة الأربعة عشر المعروفة .
- النقاط الغير نظاميه وهي مناطق لا تتبع خطوط الطاقة ولكنها قد تتقاطع معها .
- نقاط رد الفعل الانعكاسي وقد تكون هذه نقاط نظاميه أو غير نظاميه لكنها تشترك في كونها مؤلمه عند الضغط عليها أو أنها تنبض بالألم. وبما أننا نقوم بعمل شفط للدم من هذه النقاط فإننا في الواقع نقوم بإعادة التوازن إلى السالب والموجب في الجسم , لذلك تعتبر الحجامة أقوى من الوخز بالإبر الصينية وأبلغ في التأثير في مسارات الطاقة .
فالشفاء في الطب الصيني يعتمد على مقدار ما نقوم به من أثاره لمواضع الحجامة فإذا كان المرض حادا وغير مزمن وجب أن تثار النقاط بعنف أما إذا كان المرض مزمن فيجب إثارة هذه النقاط بلطف وعلى فتره طويلة وهذا ما يحدث أثناء عملية الحجامة حيث تستثار مناطق الحجامة بعنف اثنا عملية التشريط وخروج الدم…. فيستفيد في هذا الوقت المرض الحاد وتختفي الأعراض المرضية بسرعة (مثل الألم والحمى)… أما تجمع الدم واحتقان وتلون الجلد بالون القرمزي هي بحد ذاتها الإثارة اللطيفة التي قد تستمر لثلاثة أسابيع …… وهذا ما نراه عند كثير من المرضى حيث يفيد انه استفاد من الحجامة لمدة أسبوعين أو اكثر لكن الألم عاوده من جديد ولكن اقل حده ……. لذلك كان نصحنا المرضى متابعة العلاج حتى تحيق الشفاء الذي نرجوه من الله.
ملاحظة :
الدم في الطب الصيني هو المادة الحيوية الذي يتكون ويخلّق أساسا من روح الطعام الذي ينهضم بوساطة المعدة ويوزع بوساطة الطحال. أما القلب فهو الحاكم للدم والعروق . والكبد يضمن الانسياب الحر للدم ويخزنه ويحافظ على حجمه .
مواضع الحجامة تعرف في الطب الصيني بأنها مواضع خاصة على الجلد يتم من خلالها نقل الطاقة الحيوية من الأعضاء الداخلية المختلفة إلى الجلد وبالعكس . ومعناها الحرفي في اللغة الصينية هو النقل من البئر .
عملية الشفط أثناء الحجامة تحث الطاقة الحيوية على الصعود إلى سطح الجلد وهنا يتم التعادل والتوازن ما بين الين واليانج الذي ينعكس بصوره مباشره على عمل العضو المعتل .
تعتبر الحجامة من افضل الطرق لإحداث الاسترخاء في العضلات العميقة حيث أثبتت الدراسات الحديثة ذلك وأصبحت تفضل علي الطرق التقليدية للمساح الذي يستخدم الضغط والفرك الشديد للوصول لهذه العضلات .
منقــــــــــــــــــول